يُتهم كل من تحدث خارج خطاب إدانة الصهيونية حول غزة بالمتخاذل والمتصهين. الحقيقة فكرت أن أنأى بنفسي عن هذه التهم وأبحث عن الطريقة التي استطيع بها أن أساعد أهل غزة. سبل المساعدة التي أملكها تتلخص في ثلاثة: إما أن أذهب وأقاتل مع أهل غزة أو أن أتبرع لهم بشيء مما املك، أو اكتب عدة مقالات أدين فيها الصهيونية وأذنابها. خيار الذهاب للقتال مع الفلسطينيين غير مبرر ولا احد يلومني على تركه. ليس أنا ولا من هم في سني من تركه، بل تركه الشجعان المجاهدون الذين اختاروا عليه الذهاب للعراق وسورية واليمن والتغلغل في الأراضي السعودية وقتل ما تيسر من بشر. لم نسمع أن أيا منهم اخطأ وذهب إلى غزة. رغم ان التسلل إلى العراق أو اليمن أو فلسطين واحد. كما لم نسمع أن أيا من الشيوخ أصحاب الفتاوى المتعلقة بالموضوع أن حث على الذهاب إلى غزة وسوّغه تحت اسم جهاد أو نفير أو حور العين أو غيرها من مفردات القاموس الجهادي. لا أظن ان شاء الله أن أحدا سيلومني على ترك الجهاد في غزة فالكل تركه ولست وحدي. إذا فكرت في التبرع، وهو اسهل كثيرا من الجهاد الجسدي سأسأل إلى من أقدم معونتي؟ من سيأخذها مني ويعطيها أهل غزة؟ تجربتي في هذا المجال لا تسر. من يضمن لي اليوم أن أموالي القليلة التي سأبعث بها للنضال عفوا الجهاد الفلسطيني ستذهب للمقاتلين الفلسطينيين أو إلى ذويهم؟ لا يبقى في حوزتي لمساعدة الفلسطينيين سوى الكتابة. ترى ماذا أقول؟. شتمت الصهاينة عشرات السنين. كتبت عشرات المرات عن ألاعيب الصهيونية وأكاذيبها وتزييفها للتاريخ وتآمرها على المسلمين ولم اترك مناسبة دون أن أفضح فيها هرتزل وبروتوكولات حكماء صهيون وكتبت عن التواطؤ الأمريكي وصمت العرب، وتخاذل الأنظمة ولم اترك أحدا لم أخونه ولله الحمد . حتى إنني أفكر في إقامة دعوى على كثير من الكتاب في الصحف بحجة حقوق المؤلف لأني سبقتهم على كل الكلام الذي يرددونه هذه الأيام. مهما قلت سيكون معادا. ما الفائدة أن أكرر كلامي وأنا أرى أبناءنا الكتاب الشباب يعيدونه بحناجر أجد واحدث وانقى؟ لماذا لا اترك لهم فرصتهم للنيل من هرتزل والصهيونية وبروتوكولات حكماء صهيون. وخاصة أن الإطار الذي ينطلقون منه جديد ومميز؟ جيلنا كتب هذا الكلام تحت إطار العروبة والوحدة العربية وقضية العرب الأولى والجيل الحالي ابتكر إطاره الخاص به وهذا يكفيه فخرا. يكتب نفس الكلام تحت إطار الإسلام والوحدة الإسلامية وقضية المسلمين الأولى. لن اسمح لنفسي بمزاحمة الأجيال الجديدة حتى لا أتهم بالتصابي.