لا شك أن العودة للأهل والدار فيها شيء من الحميمية، التي أرجو أن لا تجتاحها موجة عاطفية مفرطة، فتتحول المسألة برمتها إلى أشبه ما تكون بالموقف الهزلي المضحك. وسوف أحاول في هذه المرحلة الجديدة بالنسبة لي أن أكون متوازنا بقدر ما أستطيع ــ أي لا إفراط ولا تفريط. فالقارئ ــ من وجهة نظري ــ قد (لا يعجبه العجب) في أكثر الأحيان، فلو أن الكاتب انساق بشكل متواصل على طرح المشاكل الاجتماعية والخدمية، أخذ القارئ يتذمر ويقول: يا ناس خلاص طفشنا من قراءة المشاكل والقرف ما حنا ناقصين، نريد أن نتنفس. وإن أخذ الكاتب يغني (يا ليل يا عين)، وكأن الدنيا كلها (سهود ومهود)، انقلب عليه القارئ راجما إياه بالتهتك وعدم الإحساس بالمسؤولية، وكأن بلادنا خالية من المشاكل التي يجب أن نبحث لها عن حلول. والقارئ في هذه الحالة يذكرني بذلك الناقد المتبرم مثلا، الذي أخذ يلوم المسؤولين لأننا لا نشترك في المسابقات الرياضية الدولية، وإن سمعنا كلامه واشتركنا فيها وهزمنا، قال: الله يخيبكم لقد فشلتونا، وإن اشتركنا فيها وفزنا، قال: ايوه، هذا هو فقط اللي انتووا فالحين فيه ــ (اللعب) وبس. لهذا وجدت أن أفضل أو آمن طريقة لي هي أن أمسك العصا من الوسط، على مبدأ (دقّة على المسمار، ودقّة على الحافر)، أو (لا يموت الذئب ولا تفنى الغنم). وسوف أوزع حالي، ولا أقول اشتته، بين (الهم) المحلي، رغم علمي بأن الهم يجلب معه دائما الغنم، ولكن ليس على المضطر إلا ركوبها، خصوصا أن هذه الجريدة هدفها بالدرجة الأولى هو الإصلاح، متبوعا بالصراحة والموضوعية ووضع الأصبع على الجرح ليستقيم مسار الأمة، لهذا هي تبوأت مكانتها التي هي فيها، لأنها تنبض بنبض الشارع. أما في الوجه الآخر من القمر، ولنفترض أنه (الدقّة على الحافر)، فإنني سوف ألعب في المنطقة الحرة على كيفي، متجاوزا الحدود بطريقة قانونية، وأكشف بقدر ما استطيع تناقضات الإنسان ومفارقاته وانتصاراته، بل وفضائحه إذا لزم الأمر، وليه لأ؟! من هنا سوف أبدأ مسيرتي مزاوجا بين الماء والنار عندما يكونان في إناء واحد. أعرف أن ذلك صعب جدا؛ لأنني لست بساحر، ومع ذلك سوف أعقد العزم، والله يصبرني على (الغثى) واللوم، ولكنني من كثرة ما أكلت على رأسي أصبحت متعودا (ومستمسحا)، فجسدي كله ممتلئ بالحراشيف، فهذه هي قسمتي، وهذا هو نصيبي. للتواصل أرسل sms إلى 88548 الاتصالات ,636250 موبايلي, 737701 زين تبدأ بالرمز 455 مسافة ثم الرسالة