×
محافظة المنطقة الشرقية

أرضية ملعب الأحساء مهددة بالانهيار من جديد

صورة الخبر

تكاد مأساة أهل غزة تفقد مأسويتها حين تتداخل في المشهد العربي العام، خصوصاً في سورية والعراق، فكيف نسوّق المشهد الغزّي على ما تبقى من حس إنساني في العالم حين يتداخل هذا المشهد ببراميل متفجرة على أبنية ومواطنين، وبقطع رؤوس وصلب أجساد وتهجير سكان في هذين البلدين تحديداً؟ وكيف نفضح جرائم الاحتلال الإسرائيلي حين تتحول أنظمة سياسية متخلخلة وتنظيمات متطرفة إلى سلطات احتلال «أجنبية»؟ وكيف ندين استجلاب يهود من العالم ليصبحوا مواطنين في إسرائيل ويتحول السكان الأصليون غرباء ثقيلي الوطأة يُهيَّأون للطرد في أي وقت، فيما يأتي إلى سورية والعراق متطوعون من الشرق والغرب يتسيَّدون على السكان ويجبرونهم على عيش العبيد والتخلص من تراثهم لتلبية أوامر «الخليفة» بلا سؤال؟ الديكتاتور والفاسد و «الخليفة» في عالمنا العربي، يقدمون تبريراً يومياً لتسلط الحكومة اليمينية الإسرائيلية وجبروتها، لكن حرب غزة، كما حرب لبنان من قبلها، تقدم رسالة إلى النخبة الإسرائيلية مفادها أن العنف الذي اختطته الدولة العبرية منذ إنشائها وصل إلى حائط مسدود، وأن الحل السياسي هو المفضل لأهل المنطقة لا لزعمائها، ويلحّ في طلبه عالم سئم من المأساة المملة والمكلفة للصراع الفلسطيني- الإسرائيلي. وصل الجميع إلى مرحلة الحرب من أجل الحرب، بحيث تتغذى من الدم والخراب مؤسسات اقتصادية وسياسية تعتبر السلام نهاية لها أو قطعاً لأرزاقها على الأقل. وفي هذه المرحلة المأسوية المديدة نفتقد واقعية السياسة وأخلاقيتها، فلا يحسّ رئيس فقد ثلث أراضي وطنه مثل عمر حسن البشير بضرورة الاستقالة وإفساح المجال لقيادات سودانية جديدة. ولا يتحمل قادة «حماس» تبعات المصالحة الفلسطينية فيحفّزون العدوانية الإسرائيلية كسبيل إلى تأكيد سلطتهم بالحرب، وإن كانت عادلة، بل يحاولون مدّ أجل الحرب لتحقيق مكتسبات لتنظيمهم السياسي وحلفائه تجعل من غزة دولة كاملة المواصفات لا تحتاج إلى الارتباط بمؤسسات السلطة الفلسطينية في رام الله. وإذا كانت حرب غزة صراعاً إقليمياً ودولياً كما هي حال الأزمة الفلسطينية دائماً، فإن بنيامين نتانياهو وإسماعيل هنية يتصرفان كقياديين أساسيين مستقلين في حرب عالمية، لكنهما يرفضان أخلاقيات القيادة المستقلة تلك، فلا مجال هنا لتكرار انسحاب ونستون تشرشل من الحياة السياسية بعد انتصاره في الحرب العالمية الثانية، كما لانسحاب شارل ديغول بعد انتصار الحلفاء وتركه قيادة فرنسا لسياسيين آخرين. لا الهزيمة تدفع إلى انسحاب القادة الفاشلين في الشرق الأوسط، ولا النصر، وتبقى حلقة المأساة في دورانها حول مؤسسات أيديولوجية ومصالح اقتصادية للقادة وأتباعهم. ستتواصل حرب غزة إلى أن يحصل اليمين الإسرائيلي وقيادة «حماس» على ضمانات ببقاء نهجهما، وبأن الحرب الدائمة، المرفقة بمراحل استراحات، هي ما يعطيهما شرعية أمام مواطنين يدفعون الثمن دماً وخراباً. ومثل حرب غزة حروب أخرى تتناسل في المشرق العربي، من أجل سيطرة هذه أو تلك من المؤسسات المتطرفة على الناس وأرزاقهم. تتبدل البيارق لكن السيطرة هي هي، لا تأبه بالسكان عيشاً وإنتاجاً وعلاقات حيوية بشعوب أخرى في عالم متنوع الأديان والأجناس وأساليب العيش. غزة مقبلة حتماً على هدنة لا على حلّ، ومثلها إسرائيل، وما من حل دائم لأنه يودي بقيادات ويقطع أرزاق تجار الدم والخراب.