يعوّل الكثير على دخول شهر رمضان لاكتساب عادات حسنة، والإقلاع عن عادات سيئة، وهذا السلوك جميل في شكله ومضمونه، ولكن الجدير بالمرء التغير للأحسن في أي وقت يشعر أنه بحاجة لتغيير بعض تصرفاته حتى لو لم تكن سيئة، ولكنها غير مناسبة لشخصيته وسنه وعصره طالما كان التغيير لا يخالف الشرع أو لا يتعارض مع بعض العادات الاجتماعية المقبولة. ** ينتظر المدخن شهر رمضان للإقلاع عن التدخين ثم يسوف ويجد نفسه وقد صار يمارس التدخين أكثر من ذي قبل برغم أن الفرصة سانحة أمامه طيلة أيام السنة طالما وجدت الإرادة والتصميم، ولا أحسب أن عاقلاً يدرك مخاطر التدخين وخسائره ويستمر في تعاطيه والإصرار عليه! ** يترقب الكثيرون هلال رمضان ليبدؤوا مشروع الريجيم البغيض، وفجأة ينقلب شهر رمضان لموسم التفنن بأصناف المأكولات من حلويات وفطائر وشطائر ومشروبات مختلف ألوانها ومذاقها في كل الوجبات رغم قصر وقت الليل وحرارة الطقس! وما يلبث أن يغادرهم رمضان وقد اكتنزوا شحوماً لا يستطيع معظمهم التخلص منها على مدار سنة كاملة! وما يؤسف له تفاقم هذه الظاهرة لدى الوافدين ممن يحضرون موائد إفطار الصائمين التي يمارس فيها الإسراف بدرجة مفجعة دون تفكير بتغيير الطريقة التقليدية بمد السفرة وتقنين الطعام أو توزيعه على العمالة بعد تغليفه بطريقة جيدة. ** اللافت أن أغلب المسلمين في مجتمعنا لا يخرجون زكاة أموالهم إلا في رمضان، ولا يعرفون الصدقة إلا في هذا الشهر؛ اعتقاداً منهم أنه أكثر قبولاً من غيره برغم ألا ثمة علاقة بين الصيام والزكاة سوى أنهما من فروض أركان الإسلام، بينما يعمد البعض لتأخير بعض الصلوات أثناء الصيام لاسيما صلاتي الظهر والعصر مع اقتران الصلاة برمضان حيث هو شهر الصيام بالنهار والقيام بالليل! ولنعد لسؤالنا: (هل تغيرت في رمضان ؟) هل أصبح التدين عندك سلوكاً وليس مظهراً؟ هل أقلعت عن الحسد والغيبة وبث الإشاعات وكرهتها وحاربتها؟ هل أصبحت أكثر انفتاحاً وثقافة ووعياً؟ هل تذهب لعملك في ذات الوقت دون نقص؟ وتصر أن تكون منجزاً دون تقصير؟ مبتسماً للمراجعين غير مسوف أو مماطل مهما كان رئيسك مرناً ولطيفاً؟ هل قررت أن تكون شخصا ًخيّراً تكف شرَّك عن الناس حتى ولو كانت عبارة جارحة!! اللهم ارزقنا التغيير الجميل، والثبات على الحق المبين.