أعلنت قبل أيام هيئة السوق المالية (10) قرارات بفرض غرامات مالية متفاوتة على بعض الشركات لأسباب تتعلق بتأخر الإفصاح عن معلومات او عدم دقة إعلانات سابقة والتي تأتي استمراراً لنهج الهيئة بتحميل الشركات قيمة الغرامات على الرغم من أن أسبابها أخطاء من إدارة الشركة وتأخر في الشفافية تضرر منها مساهمون واستفاد ممن يملك المعلومة، ومع قناعة الجميع منذ إنشاء الهيئة وتطبيق تلك الغرامات بأنها مجحفة بحق المساهمين، إلا أن الهيئة مازالت تتجاهل المتسبب في فرض الغرامة وتحمل ملاك الشركة وهم المتضررون من تأخر الإفصاح بمبالغ ليسوا مسؤولين عنها! وإذا تجاوزنا حجم الغرامات على كل شركة ومدى تأثيرها على أرباحها، فان الأمر يتعلق بمبدأ الهدف الذي قصده المُشرع - عند إعداد نظام الهيئة واللوائح والقواعد المنظمة للسوق المالية - بتمكين الهيئة من فرض الغرامات وهو لضمان التزام إدارات الشركات بجميع ما تتضمنه اللوائح والقواعد وخصوصا بما يتعلق بالإفصاح والشفافية لتوفير بيئة صحية للسوق المالي، ولم يكن لغرض رفع إيرادات الهيئة، ولذلك فان الهدف من الغرامة يجب أن يكون لتقويم وتصحيح الخطأ الإداري وعدم تكراره، وتحقيق تلك المقاصد يتطلب توافق قرارات الغرامات معها، ولذلك فان استمرار الهيئة في فرض الغرامات على الشركات لن يحقق الهدف لكون المتسبب في التأخير في الإفصاح مازال بعيدا عن تحمل تبعاته، فالشركة ستدفع الغرامة وستعتبرها ضمن مصروفاتها السنوية في الوقت الذي يمكن أن يستفيد المتسبب في تأخير الإعلان من المعلومة الداخلية في المضاربات بالسوق، وهو ما يشاهد بوضوح في تداولات الشركات التي ترتفع او تنخفض بالنسب وينكشف السبب بعد إغلاق السوق او بعد أيام! ومع وضوح المتسبب في الضرر الذي وقع على مساهمي الشركة تقوم الهيئة أيضا بمعاقبتهم بتحميل شركتهم بالغرامات! ولكون دور المساهمين في اختيار مجلس الإدارة ومراقبة أدائه مازال مغيبا وخصوصا مع التغييرات في الملكية وتفتتها بالكثير من الشركات وعدم معرفة المساهمين الذين يحضرون للجمعيات بالمرشحين، فان الحاجة تتطلب من الهيئة إعادة النظر بقرارات الغرامات ولو اضطرت الى تعديل او إضافة مادة لقواعد التسجيل والإدراج ليتم بالدرجة الأولى تحميل المدير العام او الرئيس التنفيذي بكامل الغرامات بسبب الخطأ او التأخر بالإعلانات لكونه المسؤول الأول وكذلك مجلس الادارة باعتباره السلطة الإدارية والرقابية على الإدارة التنفيذية وخصوصا أن هناك رواتب ومكافآت عاليه تصرف لمسؤولي وأعضاء المجلس يجب أن تقابلها مسؤوليات، ومثل هذا الأمر سيوفر شفافية ووضوحا ومبررات للغرامات وخصوصا أن بعضها كانت لأسباب تأخير في إعلان معلومة لم تعد مهمة للمساهمين مثل تأخر شركة اليانز للتامين بالإعلان بعد إغلاق تداول يوم 2-1-2014م عن تلقيها يوم 1-1-2014م خطاب مؤسسة النقد بنفس اليوم بالموافقة على تجديد التصريح بمزاولة التامين ببعض الأنشطة أي تأخير يوم واحد فقط! بينما كان سهم الشركة يرتفع قبل أسبوع من تاريخ الموافقة واستفاد من ذلك كبار المضاربين، والهيئة وباقي المساهمين لايعلمون السبب! أي أن الهيئة بحاجة لاحترافية في تحديد المتسبب الحقيقي في التسريب وإخفاء المعلومة وعدم الاعتماد على تواريخ الخطابات، وعلاوة على أخطاء متكررة وغريبة في أخبار النتائج الربعية وبدون معاقبة المتسبب، هناك أمثلة كثيرة لارتفاعات عاليه ولعدة أيام تنكشف أسبابها بعد إعلان الهيئة عن موافقتها على زيادة رأس المال! كما أن إعلان الشركات لأخبار توقيع عقودها لايعبر بوضوح عن الشفافية لكون خطابات الترسية التي تصدر من الجهة الحكومية بتعميد الشركة وبمئات الملايين لايعلن عنها مع أنها هي الأساس في الالتزام والحقوق ومدة التنفيذ وقد يتأخر توقيع العقد عدة أشهر لكونه مجرد توثيق بين الطرفين! فإلزام الشركات بالشفافية يتطلب من الهيئة تفهماً أكثر لكيفية التطبيق التي تضمن تحقق ذلك وتحميل المتسبب في الإخلال بها.