تلوّح إسرائيل منذ أيام عدة بشن حرب برية على قطاع غزة للقضاء على حركة «حماس» و «الجهاد الإسلامي» وبقية فصائل المقاومة، أو على الأقل تدمير ترسانتها العسكرية. وتشير المعلومات القليلة المتوافرة إلى أن ترسانة الفصائل، خصوصاً حركة «حماس»، تطورت كثيراً منذ آخر اجتياح بري للقطاع، والذي استمر أسبوعين، إبان الحرب الأولى على القطاع التي بدأت في 27 كانون الأول (ديسمبر) عام 2008، ودامت 22 يوماً. وكانت قوات الاحتلال شرعت فجر السبت الموافق الثالث من كانون الثاني (يناير) عام 2009 في اجتياح القطاع من منطقة تُعتبر «رخوة» أمنياً، و «ساقطة» عسكرياً تتمثل في الخط الواصل بين معبر المنطار (كارني) شرق مدينة غزة وبين قرية الغراقة جنوب المدينة التي كانت تجثم فوق أراضيها مستوطنة «نتساريم» سابقاً، وصولاً إلى شاطئ البحر جنوب غربي المدينة. وأدى احتلال هذا المحور إلى تحقيق هدفين لقوات الاحتلال، الأول عزل مدينة غزة وشمال القطاع، أي نحو مليون فلسطيني عن وسطه وجنوبه، والثاني التقدم نحو مدينة غزة التي يقطن فيها عدد من قادة «حماس» البارزين، وتُعتبر قلب القطاع النابض، ومقر أجهزتها ومؤسساتها الأمنية والحكومية. وقد تلجأ إسرائيل إلى السيناريو نفسه في حال قررت تنفيذ عملية برية واسعة في القطاع. ويتوقع الفلسطينيون سيناريوهات عدة في هذا الشأن، من بينها أن تُقدم قوات الاحتلال على إعادة احتلال كل القطاع لفترة زمنية طويلة نسبياً قد تمتد لعام كامل، وهذا يتطلب تجنيد عشرات آلاف الجنود على الأرض. وثمة سيناريو آخر هو أن تعمد إسرائيل إلى الدخول إلى أطراف القطاع، خصوصاً بلدتي بيت حانون وبيت لاهيا الواقعتين أقصى شمال القطاع، ومدينة رفح أقصى الجنوب، علاوة على مساحات صغيرة على طول الحدود الشرقية البالغة نحو 45 كيلومتراً. وقد يتم التركيز في إطار هذا السيناريو على مدينة رفح الحدودية مع مصر، ويقع فيها أسفل الحدود أنفاق لتهريب الأسلحة والعتاد إلى فصائل المقاومة، ما يعني أن تلجأ إلى احتلال محور صلاح الدين الذي تسميه «فيلادلفي»، وربما احتلال المناطق الزراعية التي تفصلها عن مدينة خان يونس الواقعة إلى الشمال منها. وربما ترجح إسرائيل هذا السيناريو، نظراً إلى سهولة الدخول إلى هذه المناطق والانسحاب منها سريعاً في حال اقتضى الأمر ذلك، خصوصاً أنها قليلة السكان، ومعظمها مناطق زراعية مكشوفة أمام الطائرات في السماء وأمام الجنود على الأرض. وعمدت إسرائيل خلال الأيام الثلاثة الأخيرة إلى توجيه رسائل إلى سكان هذه المناطق عبر الهواتف المنزلية والخليوية تطالبهم فيها بالرحيل عن منازلهم، في خطوة تهدف إلى تخويفهم وإفراغها من السكان كي تكتشف بسهولة وجود رجال المقاومة وتتفرغ لهم.