الاجتماع السنوي لأمراء المناطق الذي انعقد الأربعاء الماضي يمكن اعتباره من أهم اجتماعات المسؤولية التي يتطلع المواطنون إلى نتائجها؛ لأن إمارات المناطق هي ممثلية الدولة والقائمة بشؤونها والمشرفة على كل برامج التنمية التي تنفذها أفرع الوزارات. ومع كل اجتماع نحاول طرح بعض التطلعات والاحتياجات التي يرنو إليها المواطن ويأمل أن يضمها برنامج الاجتماع، وعلى سبيل المثال فقد تكررت المطالبة بمراجعة الطبيعة الراهنة لعمل مجالس المناطق والمجالس المحلية التي كنا نأمل منها ما هو أهم مما تقوم به الآن، وأن تكون ذات فعالية أكبر في التخطيط التنموي، لكنها إلى الآن تدور في دائرة ضيقة من الصلاحيات المحدودة والإشراف الشكلي بسبب نظامها الذي لا يتيح لها ممارسة دور فاعل. وعلى أي حال، كل مناطق المملكة توجد فيها الآن مشاريع ضخمة في كل المجالات ضخت الدولة من أجلها مبالغ ضخمة تضمن جودتها وسرعة تنفيذها، لكن واقع هذه المشاريع أصبح مقلقا بسبب التعثر والتلاعب بالمواصفات والتشويه الذي ينتجه الفساد بين بعض المسؤولين والمقاولين، وما يشاهده الناس أو تنشره الصحف بشكل يومي عن هذه المشاريع هو الدليل الأكيد أن المشكلة تتضخم والحلول الجذرية الحاسمة غير موجودة. إننا نطالب أمراء المناطق بأن يضعوا جانبا التقارير المثالية الوهمية التي يكتبها بعض المسؤولين بجرأة عجيبة في المغالطة والتناقض بينها وبين الواقع، وأن ينزلوا إلى الميدان للوقوف على الحقائق ومحاسبة كل مسؤول يتسبب في إفساد المشاريع بجهله أو عدم كفاءته أو تلوث ذمته. عليهم ألا يحسنوا الظن كثيرا في بعض الأحيان وأن يجعلوا أي مسؤول يشعر أنه تحت المراقبة والمتابعة والمحاسبة، فمن غير المقبول أن يستمر نزيف آلاف الملايين عبر ثغرات الفساد لتكون المشاريع المنتظرة مخيبة للآمال. وفي جانب آخر، وفي هذه المرحلة بالذات التي يواجه فيها الوطن محاولات بائسة لإشغاله عن مشروعه التنموي باستفزازات أمنية أو تنفيذ أجندات تآمرية على استقراره، فإن على إمارات المناطق مسؤولية كبيرة في حماية المجتمع من الخبثاء المتلونين الذين يخترقون المجتمع أو يتعاطفون مع أعدائه أو يتسترون عليهم ويوفرون لهم الحماية. إنها مرحلة تتطلب يقظة كبيرة واستشعارا استباقيا لأسباب الخطر.