ذكرت مصادر مطلعة أنه جرى إرجاء خطة الاندماج بين سوق دبي المالي وسوق أبو ظبي للأوراق المالية لعدم التمكن من الاتفاق على شروط هذه الخطوة التي تتسم بحساسية سياسية. وبعد مباحثات استمرت سنوات اتخذت البورصتان العام الماضي خطوة تبدو مهمة نحو اندماجهما بتفويض بنوك استثمار لتقديم المشورة في عملية الاندماج وهي خطوة كشفت عنها وكالة رويترز في تشرين الأول (أكتوبر). وكان من المتوقع أن ينعش الاتفاق الأسواق المالية في الإمارات بتيسير عمل المستثمرين في الأسواق وتنشيط التجارة وجذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية. واعتبر هذا الاتفاق المدعوم من الدولة أحد أكبر التغيرات التي شهدها القطاع المالي في الإمارات خلال السنوات الأخيرة. لكن بالرغم من التغلب على عقبات كبيرة واجهتها خطة الاندماج منذ ذلك الحين تعثرت المحادثات وبات من المستبعد دمج البورصتين في وقت قريب. ونقلت “رويترز” عن مصدر مصرفي مطلع في أبو ظبي أنه جرى إرجاء الخطة مضيفاً أنه تعذر التوصل لاتفاق في ظل وجود الكثير من نقاط الخلاف مثل التقييمات ومقر الكيان الجديد الناجم عن الاندماج وتشكيل مجلس الإدارة. ولم يتسن الحصول على تعليق من متحدث باسم المجلس التنفيذي لإمارة أبو ظبي وهو أكبر جهاز لاقتراح السياسات في الإمارة أو من متحدثين باسم البورصتين. وقالت المصادر: إنه لم يتضح بعد ما إذا كانت خطة الاندماج قد تم صرف النظر عنها إلى الأبد أم لا. استئنافها في وقت لاحق. وطلبت جميع المصادر عدم ذكر أسمائها نظراً لعدم الإعلان عن هذه المعلومات حتى الآن. وارتفع تقييم سوق دبي المالي البورصة الوحيدة المدرجة بالخليج بشكل كبير منذ اختيار المستشارين حيث زاد التداول أثناء موجة الصعود التي قفزت فيها قيمة مؤشر سوق دبي 59.5 بالمئة في الفترة بين أول كانون الثاني (يناير) والسادس من أيار (مايو). وبناء على تقييم تضمنته خطة الاندماج يعادل نحو 20 مرة حجم الأرباح قبل احتساب الفائدة والضرائب والإهلاك واستهلاك الدين ارتفعت قيمة سوق دبي المالي من نحو ملياري درهم (545 مليون دولار) في نهاية أيلول (سبتمبر) إلى 4.64 مليار درهم في نهاية آذار (مارس). ووفقاً لهذا التقييم تعادل قيمة سوق أبو ظبي للأوراق المالية نحو 10-12 مرة حجم الأرباح قبل الفائدة والضرائب والإهلاك واستهلاك الدين. ويقول اثنان من المصادر: إن “جولدمان ساكس” أجرى تقييم خطة الاندماج. وقال محمد علي ياسين رئيس وحدة السمسرة لمصرف أبو ظبي الوطني: “الطرفان مخطوبان. (صحيح أن) زواجهما سيكون جيداً لكن المهر هو المشكلة. فدبي غالية”. ودائماً ما كانت الاعتبارات السياسية تشكل عقبة كبرى يصعب التغلب عليها كما هو الحال في كثير من عمليات الاندماج بمنطقة الخليج. فبالرغم من الضغوط الاقتصادية التي تدفع إلى عمليات الاندماج في عدد من القطاعات يرفض المساهمون ذوو النفوذ في أغلب الأحيان التنازل عن حق إدارة شركاتهم. وفي حالة دبي وأبو ظبي تتمسك الإمارتان بمكانتهما في إدارة بورصتيهما. غير أن تعيين مستشارين لعملية اندماج السوقين ودمج شركتي الألمونيوم في الإمارتين لتأسيس شركة الإمارات العالمية للألمونيوم العام الماضي أنعش الآمال في بدء عهد جديد من التعاون. وفي نيسان (أبريل) الماضي قال مسؤول كبير معني بالسياسات الاقتصادية: إنه تم التوصل لاتفاق من حيث المبدأ على اندماج البورصتين لكن لم يتم استكماله حتى الآن. ولكن يبدو أن التحمس لهذا الاتفاق قد ضعف على الصعيد السياسي. وقال مصدر مطلع ثانٍ: إن خطة الاندماج “مجمدة في الوقت الراهن. ينتظر صناع القرار وقتاً أفضل وإجراء تقييم شامل لبعض المسائل الرئيسة” لكنه لم يخض في تفاصيل بخصوص تلك المسائل. ويشعر بعض المحللين بالتفاؤل من أن الاندماج سيتم عاجلاً أم آجلاً. وقال وضاح الطه رئيس قسم الاستثمارات في مجموعة الزرعوني التي تتخذ من دبي مقراً لها: “ينبغي ألا يتوقف (الاندماج) على التقييمات والربح أو الخسارة ومثل هذه الأمور. إنها مسألة تتعلق بالاستراتيجية والمصالح الاقتصادية الوطنية”. وأضاف: “سيتم عاجلاً أم آجلاً. ستحركه دوافع سياسية وستدفع الأمور إلى إتمامه”. وكانت أبو ظبي أغنى إمارة في البلاد فوضت مصرف “جيه بي مورجان تشيس” الاستثماري الأمريكي ومصرف الخليج الأول المحلي لتقديم المشورة في الاندماج بينما فوضت مؤسسة دبي للاستثمارات الحكومية “سيتي جروب”. ومؤسسة دبي هي شركة قابضة تملك حصصاً في كثير من كبرى كيانات الإمارة ومن بينها بورصة دبي الشركة الأم لسوق دبي المالي.