في هذا العام تحديداً هلّ علينا هلال رمضان مختلفاً، والناس التي استقبلته في أعوام قريبة كانت تحلم بواقع مختلف قد خاب أملها فيه! وما كانوا مستبشرين به من تغيير قد اختلف في شكله ومضمونه حتى صار هماً على قلوب كثيرة كانت تحلم بان تصبح على يوم أفضل! في هذا العام اتضحت ملامح ما كان يحسبه العرب حلماً فانقلب إلى كابوس يستنزف دماءهم ويزهق أرواحهم ويقلق منام الناجين منهم. في مصر وسوريا والعراق ولبنان وفلسطين واليمن فتن وقلاقل وحروب طاحنة مشبوهة الرايات والنوايا. والله وحده يعلم بحقيقة النوايا. لكن أين نحن من هذا؟ هذا ما يجب علينا أن نستوعبه ونفهمه جيداً، صراعات دول الجوار قريبة وآثارها أقرب وأكثر عمقاً في تأثيرها على وجدان المجتمع السعودي الذي نشأ وتربى على نصرة الإسلام والمسلمين في كل مكان وزمان. العاطفة المصاحبة لهذه الصراعات هي أخطر مما يمكن ان نتصوره وأسرع في خطر الإنحراف عن مسارها الصحيح خصوصاً في هذا الوقت العصيب فعلاً لاختلاط الأوراق فيه واعتلاء الكثيرين للمنابر فيه بأهداف مغلفة ونوايا مستترة. المجتمع السعودي يجب ان يكون واعيا بخطورة ما هو حوله وبأن القضايا الشريفة كثيراً ما تستغل لابتزاز عاطفة الناس وأموالهم. وبأن أنصار القضية المستصرخين لها قد لا يكونون كذلك، لأن كثيرين منهم قد تتلمذوا على مدارس سابقة وتعلموا الشيء الأهم والأكثر تأثيراً باللعب بالأوراق الرابحة ورقة العاطفة الإسلامية. ووجود من هم معنا أو حولنا ممن يجدون لهم مآرب أخرى ومصالح أكثر بعداً مما هم يرددونه هو خطر حقيقي لأنه يعرض الفرد والمجتمع للاستغلال أو الاستغفال. كما أنه يحمل اعباء أخرى على الدولة والمجتمع أمنية واقتصادية وتنموية. ما يفعله من هم حولنا هو شأنهم أم شأننا؟ سؤال يتيه في أجوبته الكثير من السعوديين وقد يخطئون أحيانا ويندمون في وقت لا يفيد معه الندم. الحروب الساخنة في أراضي من هم حولنا قد خلقت حروبا باردة بأجندات مختلفة في أرضنا شخصية وعقائدية وأممية او مادية بحته. جنودها أبناء لنا او وافدون بيننا يتكاثرون في صمت قد لا نعي خططهم الآن ولكن في يوم ما ستكشف حقيقة ما فعلوه أو نووا على فعله من خراب أو سرقة أو انتهاك وتستر. لأن لكل مخطط زمناً ولكل مغمور رأساً لابد وان ينجلي.