تكررت في الجزائر في حادثة هي الثانية من نوعها ظاهرة الهتك الجماعي العلني للصيام في رمضان في بلاد القبائل البربرية وتحديداً في ولاية "تيزي وزو" العاصمة الكبرى للقبائل، وأثارت هذه الحوادث حفيظة الصائمين من العامة وقبلهم رؤساء الأحزاب الإسلامية خاصة بعد الطريقة التي تعاملت فيها وزارة الشؤون الدينية مع المفطرين جهراً عندما اعتبر مسؤولها الأول الوزير محمد عيسى أن الصيام من عدمه "مسألة شخصية". وانتقد الشيخ عبدالله جابالله زعيم حزب العدالة والتنمية، واحد من أهم الأحزاب الإسلامية في البرلمان "السماحة" التي أظهرها وزير الشؤون الدينية والأوقاف الجديد محمد عيسى تجاه "مفطري رمضان" وفي اتصال هاتفي أجرته "الرياض" أمس الخميس مع جاب الله قصف الأخير وزير الأوقاف وقال "لا يٌقبل الاحتجاج بالحرية الشخصية والفردية لإلحاق ضرر بركن من أهم أركان دين الأمة وهو الصيام". وحاول جاب الله التفريق بين فعل الإفطار سرا والجهر بالإفطار في ساحة عمومية وفي وضح النهار مثلما فعلت مجموعة من الشباب بولاية تيزي وزو (110 كلم شرق العاصمة) وقال وهو يرّد على السؤال "هل كان على وزير الأوقاف التعامل بصرامة مع منتهكي رمضان ؟ " بالقول: "نحن نعاتبه، لأنه وزير الشؤون الدينية في حكومة هي مطالبة بحفظ دين الأمة، لكن أن يتهرب من مسؤولياته بدعوى الحريات الفردية فهذا غير مقبول ". واستطرد: "النقاش ليس حول أشخاص فطروا سرا في بيوتهم فلا أحد يسأل عنهم، لكن الإشكال في خروج جماعة من الناس في ساحة عمومية في وضح النهار ليفطروا جهرا دون مراعاة لمشاعر العامة من الصائمين في عدوان علني على ركن من أركان دين الأمة وعلى حق الآخرين وحرياتهم". وبالنسبة للشيخ جاب الله فإن مسألة حفظ الدين "هي واحدة من أكبر المسؤوليات الملقاة على عاتق الدولة وعلى الأخيرة حماية دين الأمة من كل أشكال العدوان الذي يصدر من أي كان". وكانت مجموعة من الشباب، غالبيتهم أعضاء في تنظيم سياسي ثقافي يطالب بالاستقلال الذاتي لمنطقة القبائل البربرية عن الجزائر (حركة انفصال القبائل) (الماك) نظمت تجمعا انتهك فيه الشباب حرمة رمضان جهرا بدعوى الحرية الشخصية وتنديدا بملاحقة أفراد الأمن لهم واعتقالهم فيما مضى بتهمة الإنتهاك العلني للصيام. وقابل مئات المواطنين في المدينة نفسها وهم من القبائل أيضا، وكذا مواطنون جاءوا من ولايات عديدة أخرى، فعل الانتهاك العلني لرمضان بتنظيم إفطار جماعي وإقامة صلاة المغرب بنفس الساحة التي شهدت الانتهاك العلني لحرمة الشهر الفضيل تحت أنظار أفراد الأمن الذين لم يتدخلوا في الحالتين. ولا يوجد في الجزائر قانون يعاقب فعل الجهر بالإفطار في رمضان أو يعتبر فعل انتهاك حرمة رمضان جريمة وهذا رغم التوقيفات التي يتعرض لها المفطرون من قبل أفراد الشرطة والدرك، ما يجعل هذه التوقيفات غير قانونية على اعتبار خلّو قانون العقوبات الجزائري على مادة تنص على معاقبة فعل الانتهاك العلني لرمضان، فيما يضمن الدستور الجزائري حرية المعتقد رغم أن المادة الثانية منه تنص على أن الإسلام دين الدولة.