أصبح واقع مجالسنا اليوم -مع تسارع الأحداث الجارية على الساحة العربية والإقليمية- صورة نمطية لتلك الحوارات والتجاذبات السياسية التي تديرها معظم القنوات الفضائية، إلاّ أن الملاحظ أن حوارات تلك المجالس لا تتم بفكر متمرس أو متمكن، أو من شخصيات ذات باع طويل في قراءة وتحليل الأمور السياسية ومعطياتها أو من يحركها، بل إن من يدير تلك الحوارات لا يملك من الخبرة وبُعد النظر ما يشفع له في قبول رأيه، وبالتالي ربما تجر تلك التحليلات والآراء السياسية الخاطئة والانتصار لها تحزب فئة من الشباب المتحمسين لتلك الجهة أو ذاك الفصيل، مع ما يعتري تلك الآراء من إشاعات مغرضة تكون لها آثار سلبية على مجتمعنا ومكتسباتنا وأمننا الوطني. إن ما يُناقش في بعض المجالس يحتاج أكثر المتخصصين في الفكر والسياسة لتحليله، إلاّ أن الحاصل هو الاستمرار في النقاش على أنه "حديث مجالس"، ما يلبث إلاّ ويتناقلها الناس وكأنها "سواليف عابرة"، وهنا قد تؤثر على السامعين فيتناقلونها من مكان لآخر، مما يؤدي إلى تصديقها وكأنها حقيقة، إذا علمنا أننا نعيش في وقت يحمل فتن متنوعة، مما يتطلب السعي إلى تقليل الاحتقان، وتعزيز مفاهيم الوحدة والائتلاف والاستقرار، وأن نتجنّب كل حديث يدعو للفرقة والخلاف. منعطف خطير وقال "د.إبراهيم المشيقح" -أستاذ في جامعة القصيم-: إن عالمنا العربي يمر حالياً بمنعطف خطير أدى إلى نزاعات وحروب وصراعات داخلية في بعض دوله، والمملكة ليست بمعزل عن تلك الأحداث التي تعج بعالمنا العربي من شرقه إلى غربه ومن شماله إلى جنوبه، وهذه الأحداث بلا شك جعلت من العاقل حيران، ونحن في مجتمعنا علينا أن ندرك جيداً أبعاد ومخاطر هذه الفتن، لذلك يجب التعامل معها بما يخدم أمن الوطن والمواطن، متأسفاً على ما نشهده على أرض الواقع بأن الكثير من أبناء المجتمع يتناول تلك الأحداث بعيداً عن الموضوعية وبعيداً عن العقل والمنطق، بل إن البعض يتعامل مع تلك الأحداث وأثرها على بلادنا وفق نظرته القاصرة، وهذا بلاشك ولّد لدينا أزمة في مجالسنا وفي وسائل التواصل الاجتماعي وغيرها، وأصبح كلٌ يفسر تلك الأحداث المؤلمة وفق هواه، وقد لا ينسجم أو يتناغم مع سياسة الدولة وأمنها، وبالتالي تجد الكثير ممن يتأثر به، مُشدداً على أن أفراد المجتمع يختلفون في تفسيرهم لتك الأحداث وفق ثقافاتهم أو ما يسمعونه من وسائل الإعلام المختلفة، لذلك يكثر الحديث في أمور السياسة التي بلاشك لا تخدم المجتمع وأمنه، والأخطر من ذلك أن هناك من يصّدر من الخارج تلك الآراء لأبنائنا لكي يخترق صفوفنا، وذلك لمناصرة جهة دون أخرى ومحاولة النيل من سمعة المملكة ومكانتها والتشكيك في مواقفها للنيل من أمنها ومكتسباتها، مشيراً إلى أننا بدأنا نلمس ظاهرة التحليلات السياسية من الكبير والصغير الرجل والمرأة المتعلم وغير المتعلم والمثقف والجاهل، وهذا بلاشك له خطورته على المجتمع، فالكثير منا اشتغل بالسياسة والأحداث الجارية أكثر من انشغاله بمنزله وأسرته. المرحلة الحالية تتطلب وعياً مجتمعياً لتقليل الاحتقان وتعزيز قيم الوحدة والاستقرار وتجنّب أحاديث الفُرقة بعض الأشخاص مندفع تجاه آراء سياسية سطحية وليست دقيقة وتخدم توجهات فكرية خطيرة غياب الإعلام وأوضح "د.المشيقح" أن هذا أمر خطير يحتاج إلى وقفة حازمة خاصة في مثل هذه الأيام التي نرى أن الأخطار تحيط بنا من كل جانب، لذلك أرى أن بناء الإنسان والاهتمام به وتثقيفه ومعرفة أبعاد تلك الأخطار هي الحماية بعد الله سبحانه وتعالى من تلك الفتن والصراعات التي تحيط بنا، وهذا بلاشك مسؤولية الإعلام الذي لم يرتق في تعامله إلى الحدث الذي تعيشه منطقتنا العربية، وهذا خلل يعيشه الإعلام بكل وسائله، مبيناً أن هناك سياسة واضحة للإعلام في المملكة، لكنها غابت عن الكثيرين، وبالتالي نرى أنه يتناول موضوعات بعيدة عن خدمة المجتمع، وغاب عن الوقوف من قضايانا الهامة خاصة الأمن والمواطنة وتعزيزها واللحمة الوطنية، فأصبح المواطن يتلقى ثقافته من خلال وسائل إعلام مرئية خارجية، وهي من تشكل ثقافته تجاه ما يجرى على الساحة. وأضاف أن مقالات النخب الثقافية لا تلامس هم المواطن ومعالجة السلبيات التي يعيشها المجتمع وتبصيره بالجوانب المضيئة والجوانب الصحيحة، فمثلاً مما يؤسف له أننا لو أخذنا رأي مجموعة من شبابنا عن تلك الفصائل المتحاربة لرأيت العجب العجاب بين مُمجد وبين مادح لجهة وآخر ذام لأخرى، والعكس صحيح، وجميعهم بنو تلك الآراء لغياب المعلومة الصحيحة، ذاكراً أننا نحن السبب في ذلك، متسائلاً: أين العلماء؟، وأين النخب الثقافية؟ من تبيان خطورتها، وأين الدعاة والوعاظ؟، وأين وسائل الإعلام المختلفة؟.. فتن متنوعة وتحدث "د.خالد الشريدة" -عميد شؤون الطلاب بجامعة القصيم- قائلاً: إن أجمل ما يميزّ ديننا الإسلامي أنه يحتوي الإنسان بمبادئ تسعده في حياته وبعد مماته، من هذه المبادئ قول الرسول صلى الله عليه وسلم: "من يضمن لي ما بين لحييه وما بين فخذيه أضمن له الجنة"، مضيفاً أن مداد حديثنا هنا عن الأول وهو الأهم "اللسان"، والقضية التي نتحاور فيها هي ما يدور في مجالس الناس من أحاديث قد تكون ذات مساس بأمور حساسة أو إشاعة أو ما شابه ذلك مما يهم المجتمع، مبيناً أنه لا يمكن لأحد أن يمنع أحداً من الكلام، لكن الإسلام أدبنا أن لا نقول إلاّ حقاً من جهة وأن نتحدث فيما نحسن من جهة أخرى، ذاكراً أن الأمور الكبرى في حياة الناس لا يجب أن تكون من "لغو" المجالس، نظراً لما تحمله من أبعاد لا يتصور مدى تأثيرها، وهنا يقررّ القرآن قاعدة مهمة وهي أن ما يتحدث عنه الإنسان رّبما يكون فاحشة تسري في المجتمع، وقد يكون أحد أسبابها، وبالتالي يدخل ضمن الموعودين بعذاب الله: "إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم في الدنيا والآخرة"، وتشتد خطورة الحديث حينما يتعلق بشخصيات لها أهميتها في حياتنا، أو بأحداث لها أثرها الكبير على أمننا واستقرارنا، مشيراً إلى أنه تسمع أحياناً مسائل يحتاج لتحليلها أكثر المتخصصين في الفكر والسياسة، فتجد أنها "حديث مجالس" يتناقلها الناس وكأنها "سوالف عابرة"، مع أنها قد تؤثر على السامعين فيتناقلونها من مكان لآخر، مؤكداً على أننا نعيش في وقت يحمل فتناً متنوعة وألواناً من التوّجهات لا يعلمها إلاّ الله، وبالتالي فالإثارة في أوقات الفتن يزيد أثرها ورّبما إثمها أكثر من أي وقت آخر. وأضاف: لابد أن نسعى دوماً للتقليل من الاحتقان ما أمكن، وأن نعزّز مفاهيم الوحدة والائتلاف والاستقرار، وأن نُجنّب مجالسنا كل ما يحدث من الفرقة والخلاف، وبشكل أخص في هذا الوقت، وليكن شعارنا دائماً: "وقل لعبادي يقولوا التي هي أحسن إن الشيطان ينزع بينهم"، نعم هكذا الشيطان بمداخلة يحاول أن يثير الفتن والبغضاء بين الناس لكن العاقل من يلزم ويلتزم بالقول الحسن أو يصمت. مراكز دراسات وأكد "خالد اليحيا" -مستشار قانوني- على أن مما يجعل بعض الأشخاص مندفع تجاه آراء سياسية سطحية ليست دقيقة ولا عميقة أننا نفتقد بصراحة إلى مراكز دراسات استراتيجية على نمط ما هو موجود في الغرب، لكي تكون الذراع الفكري والاستراتيجي للأجهزة المعنية بالدولة، لتعينها على اتخاذ القرارات السياسية السليمة، وتحليل الأوضاع، وكذلك دراسة بؤر النزاع وموقفنا منها، إلى جانب رفع هذه المراكز مستوى الوعي السياسي لدى المجتمع، وخلق رأي عام متماسك داخلي غير مشتت لا تتلاطمه الأمواج الفكرية التي بدأت تصب في مجتمعنا وتؤثر في توجهاته وهو لازال غير مهيأ من الناحية الحمائية الفكرية، بمعنى أنه مجتمع يسهل اختراقه، مضيفاً أن الأمر الثاني المهم أن الكثير من أفراد مجتمعنا أصبح لديه أوقات فراغ أشغلها باهتمامات لا تعنيه وليس متخصص فيها، مثل الحديث في الشأن السياسي الذي يجب أن ينبري له أشخاص متخصصين، وعوضاً أن يشغل هذه الشخص نفسه بتطوير ذاته وإبداعاته ودراسة الأمور التي تقع ضمن إطار هواياته واهتماماته، أصبح يشغل نفسه بهذا الشأن البعيد عن تخصصه، مما يجعله ينقل بعض الإشعاعات غير الدقيقة دون تحليل أو عمق، بل وينقلها عبر وسائط التواصل الاجتماعي لإثارة المشاعر العامة نحو جماعات معينة، وبالتالي محاولة خلق رأي شعبي لا يستند لأرضية من الوقائع والحقائق والتحليلات، مما يجعلنا ننحرف عن مسارنا السليم اجتماعياً وسياسياً، مبيناً أن مثل هذه الشؤون والقضايا السياسية لا تعطى حقها إعلامياً من حيث الندوات والمحاضرات وورش العمل، حيث يجب أن ينبري لهذه الأمور المختصين بالعلوم السياسية والإستراتيجية وأصحاب الدراسات في الجهات الأكاديمية، بهدف إنارة الرأي العام وتوجيهه نحو تبنى آراء سليمة ودقيقة تتماشى مع وحدة الوطن ومع قيمنا ومع مصالحنا ومستقبلنا وأمن وطننا ومكتسباتنا التي يجب أن لا نفرط فيها أبداً. وأشار إلى أنه لمس من خلال تواجده في الغرب وزياراته لتلك البلاد أن المجتمعات هناك لا تهتم بالقضايا السياسية كثيراً، ولديهم اهتماماتهم في شؤونهم الخاصة وتطوير ذواتهم وحياتهم من خلال تخصصهم الدقيق، حيث إن الفرد في المجتمع الغربي يركز على تخصصه ويعمل على تطويره والإبداع فيه دون الخوض في أي تخصصات أو قضايا لا يعرفها، كما أنه من الجانب الآخر فإن أفراد المجتمع هناك يهتمون بتطوير هواياتهم الشخصية مثل تطوير بعض التقنيات إلاّ أنهم يبتعدون عن الخوض في شؤون ليست من اهتمامهم أو تخصصهم وقد تضيع أوقاتهم، مما جعل الظاهرة الإبداعية واضحة في الغرب في كل المجالات، أما نحن فقد أصبح الفرد عندنا متخصص في كل علم وكل شأن، ولكنه في الواقع قد لا يجيد أي شأن؛ لأن الإبداع مناطه التخصص والتفرغ وتطوير الذات. أوساط الشباب وقال "عبدالعزيز المسند" -موظف-: إن الحديث في الأمور السياسية أصبح حقيقة شائعة في أوساط الشباب ومنتشر في مجالسهم واستراحاتهم، فعند دخول أي مجلس أو استراحة ينبري أحد الشباب بالتحدث عن الأحداث السياسية سواءً على المستوى الدولي أو الإقليمي أوالمحلي، ويبدأ يحلل وينتقد ذلك القرار ويمدح الآخر، وكأن له باع طويل بالسياسة، فهو المفوّه بالحديث عن الأمور السياسية باعتقاده، فيجاريه الآخرون من الجالسين وكل يبدي رأيه عن قرار معين وقضية معينة، مدعياً كل واحد أن الواقع يتطابق مع رؤيته، مضيفاً أنه لا ننسى وجود شبكات التواصل الاجتماعي التي أججت العلاقات بين أفراد المجتمع بتناقلها الكثير من هذه الأحاديث دون تمحيص، مبيناً أنه قد يكون هناك مندسون أعداء لبلادنا ومجتمعنا يكتبون مثل هذه الموضوعات ليشقوا الصف بيننا، حيث يسوؤهم ما نحن فيه من استقرار أمني ورغد عيش، وبالتالي فإن تناول مثل هذه الموضوعات يحتاج إلى مختصين بعيداً عن النقاشات العامة أو الأشخاص غير المحيطين بخفايا الأمور السياسية، ذاكراً أن قضايا السياسة مرهونة بأمور وتقلبات حسب المصالح بين الدول، وهذه المصالح لا يخفى على أحد أنها متشعبة من أمنية واقتصادية وعرقية، وتتغير بين وقت وآخر حسب ما تراه تلك الدولة لمصالحها ومصالح شعبها، مشيراً إلى أن دولتنا -وفقها الله- اختارت من ذوي الكفاءة والخبرة من يتبنون قضاياها ومصالحها بما يضمن حدودها ومكتسباتها التنموية. خدمات تطوعية وأوضح "المسند" أنه يُلاحظ من نتاج تلك الأحاديث بهذه المجالس شيوع ظاهرة مصطلحات وتصنيفات لم تكن معروفة في مجتمعنا من قبل، وهذه كلها تولدت نتيجة ما يثار في هذه المجالس، مما أدى إلى آثار وظواهر سلبية على بلادنا ومجتمعنا، ولّدت الحنق على علمائنا ودعاتنا والمخلصين في بلادنا، مضيفاً أن الشباب المتوقدين حماساً لهم دور كبير في نمو مجتمعاتهم والتغيير المجتمعي نحو الأفضل بعيداً عن إثارة الموضوعات السياسية التي ليست من اختصاصهم أو من شأنهم، والتي يجب أن ينأوا عنها، خاصةً في هذه الفترة الحرجة التي قد تخلق أموراً سلبية قد تحدث إخلالاً بالأمن داخل المجتمع، مُشدداً على أهمية الحذر من التأثيرات القادمة عبر "الانترنت" والفضائيات التي تعكس ثقافة ومفاهيم مجتمعات أخرى بعيده عن ديننا وعاداتنا وتقاليدنا، وكذلك البُعد عن النقاشات وتداول وجهات النظر التي تؤثر على وحدة الصف وتشق المجتمع، داعياً الشباب إلى الانخراط في العلاقات الاجتماعية والنشاطات التطوعية، وكذلك دعم ثقافة إطلاق المبادرات الشبابية بتقديم خدمات تطوعية تسهم في تقدم المجتمع والتقليل من أعباء ما تعانيه بعض الطبقات، فهم قوة اجتماعية رئيسة لمجتمعهم وبلادهم. سياسي وفق هواه ومستميت على ما يراه..! أوضح "د.إبراهيم المشيقح" أن البعض منّا أصبح يحلل سياسياً وفق هواه ووفق ما يراه من وجهة نظره، وبالتالي تجد أنه يدافع عن رأيه بقوه واستماتة، والمشكلة أن هذا الشخص لا يدرك أبعاد ما يتحدث عنه، وأن هناك استراتيجيات وتخطيطات دولية وإقليمية تعملان بحرفية ومهنية عالية لتوظيف الأحداث والصراعات لصالحها، ثم تتولد لدى البعض قناعات وتصبح من المسلمات التي يتبناها ويدافع عنها وهو لا يدركها، وبالتالي يظلم نفسه ومجتمعه، مطالباً الدعاة إدراك أن لكل مرحلة لها أسلوبها ولغتها في التعامل مع أفراد المجتمع، لذلك يتوجب عليهم أن يبصروا المجتمع بأن هناك أخطاراً تحيط بهم، وأنهم يجب أن يكونوا يداً واحدة. ونصح "د.المشيقح" خطباء الجوامع بالتوعية بمخاطر هذه المساجلات السياسية في مجالس العامة، إذ يجب عليهم أن يثقفوا الآخرين بعدم الخوض في تلك الأمور والجوانب السياسية التي لا تخدم المجتمع، والتي قد يكون ضررها عليهم وعلى أفراد مجتمعهم، فالإنسان ليس مطالباً بأن يكون له رأي وموقف يعلنه على الناس من تلك الأحداث، خاصةً في تلك الظروف الغامضة والخطرة. وأضاف أن كل ما على الإنسان أن يدعو الله بأن يجمع كلمة المسلمين ويجنب بلادنا الفتن، مبيناً أنه على الخطباء أن يحيطوا بتلك الأزمات التي تعصف بعالمنا العربي لتبصير الناس بخطورتها وتعزيز التكاتف والتآخي بين أبناء المجتمع لمحاربة أي فكر دخيل على مجالسنا أو مدارسنا أو مؤسساتنا يهدف للنيل من إضعاف اللحمة فيما بين أفراد المجتمع، وهذا دورهم الذي يجب أن يدركوه جيداً بعيداً عن التأزيم والدخول في تفصيلات قد لا تخدم المستمع والمتلقي. وأشار إلى أن ما يطرح في المجالس عن تلك التنظيمات وغيرها ليس هذا وقت الحديث عنها، ولسنا معنيين بتقييمها، ومنهم الأصلح أو الأسوأ؛ لأن هذا الأمر لا يلم به حتى المتخصصون في الجوانب السياسية. شبابنا يتلقون معلومات خاطئة من وسائل إعلام «مسيّسة»! قال "د.إبراهيم المشيقح" إننا دائماً نترك الحبل على الغارب، لذلك أصبح لدينا تلك "الثقافات المهلهلة" التي تجذب الخطر لمجتمعنا، وهذا بظني أمر أصبح ظاهرة خطيرة نتيجة الخوض في السياسة في مجالسنا ومنازلنا ومؤسساتنا واستراحاتنا وحال أكلنا وشربنا، مع غياب الرأي الموضوعي الذي يناقش ويوضح بكل أمانة خطورة هذه الفئة أو غيرها. وقال إن أغلب شابانا وبناتنا أصبحوا يتلقون المعلومة الخاطئة من وسائل إعلام "مسيّسة"، أو عبر شبكات التواصل الاجتماعي بأسماء مستعارة، مبيناً أن السياسة لعبة دولية وليست ثابتة، وما تراه اليوم معك تجده في الغد ضدك، كما يجب أن ندرك تماماً أن هذه الفئات وهذه الطوائف التي تتصارع فيما بينها والتي أصبحت السمة الطاغية على المشهد الإعلامي هذا اليوم أنها تشكل خطراً على أمننا ومكتسباتنا ويجب عدم الوثوق بها ولا ننخدع إليها ولا إلى شعاراتها. وأضاف أنه يجب أن يدرك الشباب أن تلك الأحداث والصراعات لعبة دولية منظمة هدفها القضاء على إسلامنا ومكتسباتنا، لذلك علينا أن نعي ذلك جيداً ولا ننخدع بتلك الشعارات البراقة؛ لأن الخطر الذي يحيط بنا هو تغليف تلك الأهداف المسيّسة الباطلة والمنحرفة بغلاف الدين وبالتالي ينخدع بها الكثير، وهذا ما نواجهه اليوم مع أعدائنا. وأشار إلى أننا لا نملك حصانة في التعامل مع تلك الأزمات، لذلك يجب أن نُعلّم أبنائنا في المدارس من القيم الأخلاقية والسلوكية التي تركز في المقام الأول على الاعتزاز بدينهم ووطنهم ومكتسباته وقيادتهم، حتى يكون ذلك سلوكاً ومنهجاً تربوياً يكبر معهم ومع تحصيلهم العلمي، وبالتالي يكون كل مواطن هو الحصن الحصين بعد الله لهذه البلاد، وجندي يدافع عن أمن ومكتسبات الوطن، وحتى يكون لكل مواطن الحصانة من تلك الآراء المتطرفة التي تحاول اختراق صفوفنا، وهذا بظني مطلب رئيس وملح لأن بناء الإنسان هو الهدف الأهم لبناء الدولة ومقوماتها. «شائعات» و«شعارات» ومندسون بحثاً عن الفتنة..! أكد "خالد اليحيا" على خطورة تداول المواضيع السياسية بعيداً عن رأي المختصين، مشيراً إلى أنها تؤدي إلى زيادة المخاطر خاصة في هذه المرحلة بالذات، وتحديداً مع شبكات التواصل الاجتماعي وتداول الشائعات والأخبار الملفقة وغير الدقيقة وغير المستندة على مصدر رسمي، إذا أضفنا إلى ذلك حساسية الوضع وما يشهده من فتن طائفية وتدخلات خارجية تجعل لزاماً علينا الالتفاف مع قيادتنا وحفظ أمن وطننا ومكتسباتنا، والاستناد إلى ما تبثه وسائل إعلامنا المحلية الرسمية. وقال إن المشكلة تكمن في نتائج استقطابات الإسلام السياسي بالمنطقة ورفع شعارات الإسلام كوسيلة للوصول إلى السلطة أو تكوين جماعات لهذا الغرض، مما أدى إلى إثارة "قلاقل" وفتن بين الأوساط الاجتماعية اعتقاداً منهم أن هذه الجماعات المتطرفة تمثل الإسلام الحقيقي أو تمثل أصول الدين، في حين أن هذه الجماعات حسب رأيي كلها جماعات تحاول الوصول إلى السلطة عبر رفع شعارات دينية، محذراً من الاندفاع وراء تلك الجماعات التي لا تهدف مطلقاً إلى استقرار الأوضاع في المنطقة ولا إلى المصلحة العامة، وقد تكون مرتبطة بجهات خارجية ومخابرات أجنبية تديرها ب"الريموت كنترول"، وبالتالي يجب على المجتمع الوعي بحقيقة تلك الجماعات ومحاربة أفكارها. وقال إن مثل هذه الجماعات المتطرفة موجودة على مرّ التاريخ الإسلامي، حيث كانت تثير الكثير من النزاعات السياسية والاجتماعية والشعوبية، وليس هذا مجالا لذكر تلك الحقائق، لكن المؤكد أن هذه الجماعات المعاصرة ليست أبداً ببعيدة عن تلك من حيث النوازع والأهداف، مشدداً على أهمية أن يكون لدى مجتمعنا مناعة قوية تجاه هذه الاستقطابات التي لا تهدف إلاّ لطرح مصالحها الخاصة مضحيةً بمصالح ومستقبل الشعوب، ناصحاً بأن لا تكون مجالسنا ساحة للنقاشات والصراعات السياسية التي لا يدرك الكثير منّا أبعادها وخفاياها، وما يحاك لنا ويرسم عبر جهات خارجية هدفها زعزعة استقرار وأمن هذا الوطن.