فاصلة: «من يتمتع بسلام النفس ليس مزعجاً لا بالنسبة إلى نفسه ولا بالنسبة إلى الآخرين». (حكمة يونانية) الدكتور وليد فتيحي له برنامج يومي في شهر رمضان بعنوان «ومحياي» في قنوات فور شباب والصفوة واقرأ. ميزة «فتيحي» أنه اختار أن يكون طبيباً له رسالة متكاملة، لا تقتصر على تحقيق النجاح في مهنته لمساعدة الناس على التغلب على أمراضهم والعلاج فقط، بل اختار أن تكون رسالته تنوير المجتمع، وكان برنامجه المميز بوابة إلى تغيير الإنسان مستنداً إلى خلفيته العلمية والمهنية بوصفه طبيباً. أجمل ما في حلقته «هل نحن أسرى جيناتنا» أنه قدم المعلومات العلمية على تأثير الأفكار على حياة الإنسان، فإن كانت أفكاره عن نفسه سلبية كانت حياته كما يفكر، وكثير من الناس يُرجع أياً من سلوكياته السيئة، كالعصبية أو التردد في اتخاذ القرار، إلى جيناته، فقد ورثها من والدَيْه أو أسرته، ولا سبيل لتعديل السلوكيات من وجهة نظره. بدأ «فتيحي» الحلقة بكيفية تحكم مفهومنا القاصر على تأثير الجينات في حياتنا مقابل الأثر البيئي الذي يمكن علمياً تغييره، وأورد كثيراً من الأمثلة العلمية على تطور العقل الواعي وقدرته على التغيير، عن طريق مدارس علمية، مثل العلاج السلوكي المعرفي، والبرمجة العصبية اللغوية، وأورد تجربة دكتور «هربرد بنسن» رئيس مركز العقل والجسد في هارفارد؛ إذ اكتشف من خلال مراقبته لجماعة من المتعبدين يمارسون التأمل في أعلى جبال الهملايا حيث الثلوج دون ملابس ثقيلة تقيهم البرد أنهم يتصببون عرقاً بدلاً من أن تنخفض درجة حرارتهم ويغيبوا عن الوعي. علمياً، الذي حدث أن العقل الواعي تحكَّم في معدل الاحتراق الداخلي اللاإرادي عن طريق قوة تحكمهم في أفكارهم؛ لذلك لم تنخفض درجة حرارتهم. وأيضاً تجربة «سارة لازار» عالمة الأعصاب في أحد مستشفيات بوسطن التي وجدت أن تأمل عينة من مبحوثيها لمدة عشرين دقيقة أفرز زيادة في نشاط القشرة المخية المسؤولة عن الانتباه، وزيادة نشاط منطقة «الهيبوثرابي» المسؤولة عن الأفعال اللاإرادية. يعجبني في حلقات برنامج د. وليد فتيحي قدرته على الربط بين العلم والإسلام، وهي قدرة مميزة على اكتشاف أسرار ديننا. فالتأمل هو ما يفعله الذين يدركون معنى وقيمة الصلاة وقيمة كل ما أمرنا الله به لو اتبعناه بيقين، وليس بممارسة اعتيادية.