تبدو إعلانات الشركات التي تطلب توظيف سعوديين من ذوي الاحتياجات الخاصة ملفتة للنظر في الصحف المحلية، فمن يطالعها لأول وهلة قد يظن أن تلك الشركات تسعى من وراء توظيفهم إلى الحصول على الأجر والثواب، وأن ذلك الاستقطاب يأتي تعاطفاً مع ذوي الاحتياجات الخاصة وتقديراً لظروفهم، لكن حقيقة الأمر أن سعي كثير من الشركات وراء توظيفهم يأتي من منطلق حسابات تجارية بحتة. فقد أدى قرار حكومي يحسب للشركة التي توظف سعودياً من ذوي الاحتياجات الخاصة بأربعة سعوديين إلى تدافع الشركات المحلية لتوظيفهم بغية ترجيح كفة السعودة في ملفاتها لدى وزارة العمل. لكن الأمور أخذت منحى تجارياً صرفاً، يرى البعض أنه مس الجانب الإنساني لفئة اجتماعية لها ظروفها الخاصة، ولها تطلعاتها كذلك. وفي الوقت الذي سنت فيه وزارة العمل نظاماً يضيف للشركات رصيداً بواقع أربعة موظفين سعوديين عن كل مواطن من ذوي الاحتياجات الخاصة يتم توظيفه، لم تراعِ الوزارة واقع تعامل الشركات والمؤسسات في مسألة توظيف ذوي الاحتياجات الخاصة، فقد بالغت مؤسسات في البحث عن مواطنين من ذوي الاحتياجات الخاصة، ووظفتهم بثمن بخس مستغلة ظروفهم الصعبة، ومستفيدة من الثقل الذي يمنحه توظيفهم لملفها في مجال التوطين. وتشير مصادر سوق العمل إلى أن الاستغلال في توظيف ذوي الاحتياجات الخاصة قد وصل إلى عرض مبلغ 1000 ريال على أحدهم على أن يبقى في بيته، ويسجل في النظام أنه يعمل لدى إحدى الشركات في صورة من صور الخلل الذي تمارسه أغلب شركات القطاع الخاص في تعاطيها مع ملف التوطين. م. محسن العنزي، مواطن من ذوي الاحتياجات الخاصة قال إن الحكومة أرادت أن تشجع القطاع الخاص على إتاحة الفرصة للمواطنين من ذوي الاحتياجات الخاصة للعمل في شركات القطاع الخاص، ووضعت حافزاً كبيراً يتمثل في حساب المواطن الواحد من هذه الفئة بأربعة مواطنين. وأشار العنزي إلى أن ما أسماه نزعة الاستغلال ورغبة الربح على حساب الآخرين دفعت بصغار الشركات والمؤسسات إلى استغلال ظروف المواطنين من ذوي الاحتياجات الخاصة، وتوظيفهم بطريقة تخدم تلك الشركات، وتهمش حقوق أولئك المواطنين. وأكد م. محسن العنزي أنه من العدل والإنصاف أن تتدخل الجهات المعنية بإنصاف المواطنين من ذوي الاحتياجات الخاصة وذلك بأن يحسب للمواطن من هذه الفئة راتبين كونه يحسب في سجل المؤسسة بأربعة موظفين. وانتقد العنزي ما وصفه بعمليات الاستغلال التي تمارس بحق طالبي العمل من المواطنين ذوي الاحتياجات الخاصة، مبيناً أنى الأمر يمس حقوق الإنسان، وكرامته، داعياً جمعية حقوق الإنسان إلى التدخل لإنصاف المواطنين من هذه الشريحة الاجتماعية التي قال إنها تعاني ظروفاً صعبة في سوق العمل.