السعودية, المملكة, امن, تهديدات في ظل الأحداث الكبرى التي تمر بها الأمم تحدث تهديدات خطيرة تعصف بالأوطان، وتتركها كريح مرسلة في يوم عاصف، وقد يكون مبعث تلك التهديدات من داخل الأوطان ذاتها، أو من خارجها، حيث يتربص بها الأعداء من كل صوب وحدب ينتظرون سقوط الفريسة، بين لحظة وأخرى. والمملكة العربية السعودية في قلب تلك الأحداث الكبرى، والعواصف العاتية التي تمر بها الأمة في لحظة جد فارقة في تاريخها المعاصر، ربما لم تمر على الأمة مثلها إلا في لحظات عابرة من عمر التاريخ، ولكنها تركت آثاراً غائرةً في جسد الأمة حتى هذه اللحظة. ولا يشك عاقل أن المملكة العربية السعودية، لديها ما يؤرقها على المستوى الداخلي، حيث التحديات شديدة الضخامة للحفاظ على نسيج الوطن متجانساً متناغماً، لا يسير فيه فريق عكس الاتجاه؛ استجابة لنعرات طائفية بغيضة، أو دعوات عرقية مذمومة، يدفع الوطن ثمنها من استقراره وأمنه. أضف إلى ذلك تلك التهديدات من بعض الفئات المفتونة، التي فاتها الفهم العميق والعلم الصحيح، وسلَّمت زمام عقلها وقيادة نفسها لضالين ومضلين، جعلوا منهم سهاماً مسمومة في جسد الأمة ونحرها، بدلاً من أن يصنعوا منهم أبطالاً يذودون عن وطنهم وأهاليهم وأمتهم. ثم فئة ثالثة، تريد أن تذهب بالبلد الحرام إلى مهاوي الأفكار الضحلة، وزبالات الخيالات الغربية، ظناً منها، وهو من الظن الآثم، أن في التغريب خروجاً من عنق الزجاجة، حيث رحابة الإبداع والتمدن، بعيداً عن مرجعية الدين وقدسيته، والذي ترى فيه سبباً رئيساً للرجعية والجمود والظلامية. كما لا يمكن أن يغفل أي متابع أو مهتم بأمن المملكة السعودية واستقرارها عن حجم التحديات والتهديدات الخارجية، حيث تنضم الدولة تلو الأخرى لنادي الدول الفاشلة، تحت مبررات شتى ومزاعم متباينة، ولكنها كلها في النهاية تؤدي إلى تلك النتيجة الكارثية. فتضارُب المصالح الدولية، والفتن الداخلية، أدمت جسد الصومال الجريح، فأصبح منقسماً على نفسه، ولا يستطيع ذلك الجسد المنهك قياماً، وما زال أبناؤه يتراشقون ويقتل بعضه بعضاً، ودولتهم تقسَّم وتحتضر ببيد أيديهم ولا يملكون من أمرها شيئاً. والأمر ذاته، ببعد طائفي، تجده في لبنان، حيث مظاهر سيادة الدولة معطلة، وتنازعت الطوائف فيما بينها، وحاولت كل طائفة أن تخطف البلد ناحيتها، لترفع فوقه رايتها الطائفية، فتعثرت الخطوات، على وقع محاولة الاختطاف، وعرف علم السياسة مصطلح اللبنة، جراء هذا التنازع البغيض. والعرقنة، مصطلح آخر خرج من العراق، ومدلوله يعني تقسيم الدولة على أسس طائفية وعرقية، وهو الأمر الذي يذهب إليه العراق بقوة هذه الأيام، بعدما فشلت حكومة نوري المالكي، في احتواء البلد بكل أطيافه، وآثرت إعلاء الروح الطائفية البغيضة، التي أذهبت بقوة العراق وأمنه واستقراره. وعلى هذا يمكن أن نتفهَّم أمر خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز -وفقه الله لكل خير- باتخاذ كل الإجراءات اللازمة لحماية مكتسبات الوطن وأراضيه، وأمن واستقرار الشعب السعودي الأبي بناء على الأحداث الجارية في المنطقة وخاصة في العراق. كل هذه النماذج الفاشلة تحيط بالسعودية، وهي تهديد خطير، لأمنها واستقرارها، يضاف إليها تنامي الصراعات المسلحة في المنطقة، وبروز حركات مسلحة عنيفة، ما زالت تدور حول أجندتها وأهدافها علامات استفهام كبيرة، لا تقل حجماً عن علامات الاستفهام حول علاقتها بمخابرات دول معادية للمملكة العربية السعودية. إن الاستقرار الذي نعنيه هنا هو تلك الوضعية التي تحافظ على ما تم تحقيقه من مكتسبات رغم القصور في مجالات شتى دفع الشعب والمواطنين ثمنها والبناء عليها، وكذا الحفاظ على أمن الوطن والمواطنين من العبث والفتن، وهو لا يتناقض مطلقاً مع التغيير الذي هو سنة ربانية. إن هذا الوطن الكبير ما أحوجه إلى الإصلاح والاستقرار، فبهما معاً يخطو خطواته نحو المستقبل الذي ينشده الراشدون من دعاة الإصلاح، ويطمح له الغيورون من أنصار الاستقرار سبق