تختزن ذاكرة العم جابر سعيد الزيادي العديد من المواقف والأحداث التي عاشها خلال شهر رمضان سابقا في قريته أحد بني زيد (12 كلم شرق القنفذة)، حين كانت الحياة تسير فيها بطريقة بدائية دون كهرباء ووسائل الترفيه المتوافرة حاليا. وذكر أنهم في السابق لا يصومون حتى يروا هلال رمضان بالعين المجردة، أو يسمعوا مدفع القنفذة، خصوصا أنه لا توجد أي وسيلة تعلمهم بدخول الشهر الكريم إلا تلك الطريقتين، ملمحا أن الصوم آنذاك بالغ الصعوبة لارتفاع درجة الحرارة، وغياب الكهرباء والمكيفات التي تتوافر بأنواع مختلفة حاليا. وأفاد أنهم يضطرون لصب الماء على أجسادهم لتبريدها، وتبليل الأقمشة والتلحف بها، كما يضطرون لتعريض قدح الماء للهواء حتى يبرد ويشربونه عند موعد الإفطار، إذ لم تتوافر آنذاك الثلاجات كما هو الوضع الآن. وبين أنهم لا يشتغلون في شهر رمضان سوى بالزراعة، يحرث كل شخص أرضه ويبذر فيها الذرة والدخن، ويمارس عمله كما لو كان في أيام الفطر، ويستمر في صيامه في درجة حرارة مرتفعة، متغلبا على العطش الشديد، ودائما ما يضطرون للاستظلال بالأشجار الكبيرة المجاورة للمزرعة. وأفاد الزيادي أنه لا توجد آنذاك أسواق كما هو حاصل الآن، سوى سوق شعبي يقام يوما واحدا في الأسبوع ولا يباع فيه سوى الحبوب، مثل الذرة والدخن والسمسم، حيث كان الناس يعتمدون على الذرة والدخن في طعامهم. وأشار إلى أنه آنذاك كانت الموائد الرمضانية بسيطة، إذ لا يوجد سوى أكلة (الخمير والحلبة) التي يقبل عليها الأهالي بشغف، موضحا أن وسائل المواصلات كانت بدائية، وغالبية الأهالي يعتمدون السير على أقدامهم في التنقل، ويقطعون مسافات طويلة، والمترفون آنذاك يركبون الجمال وهم قليلون، وكانت أجرة الجمل ريالا واحدا لينقلك من القرية إلى السوق الشعبي. ويزاول الأهالي آنذاك كثيرا من الألعاب التراثية، خصوصا في الليالي التي يكون فيها القمر بدرا، ومن أبرز الألعاب (ساري) وهي عبارة عن فريقين وتعتمد على القوة الجسدية، وهناك لعبة الشاه، لافتا إلى أنهم في الليالي المظلمة يستخدمون المصابيح والفوانيس والكيروسين في الإضاءة. وألمح إلى أن الحياة الاجتماعية في رمضان في الماضي تختلف عما هو عليه الوضع الآن، إذ لا يوجد سهر آنذاك، والناس يغطون في النوم بعد صلاة العشاء ويستيقظون مع الفجر، ويزاولون حياتهم بصورة طبيعية كأنهم في أيام الفطر.