مع خروج جميع المنتخبات الخمسة الممثلة للقارة السمراء قبل فعاليات دور الثمانية لبطولة كأس العالم 2014 بالبرازيل، تبخرت آمال أفريقيا في تحقيق النجاح بالمونديال في نسخته الحالية. وبعيدا عن العروض القوية للمنتخب الجزائري في مباريات البطولة، ستظل المشاكل والخلافات بشأن المستحقات المالية ومقاطعة اللاعبين للتدريبات هي الذكريات المتبقية عن مشاركة بعض الممثلين الآخرين للقارة السمراء في المونديال البرازيلي. وقبل بداية البطولة، أعطى كيفن برينس بواتينج نجم خط وسط المنتخب الغاني التعليمات وقال "يجب أن نصبح أبطالا للعالم. القارة بأكملها تنتظر منتخباً أفريقيا يفوز أخيرا بلقب كأس العالم". والآن تحتاج أفريقيا لأربع سنوات أخرى لخوض جولة جديدة من الحلم وذلك عن طريق بطولة كأس العالم 2018 في روسيا. وودع المنتخبان الجزائري والنيجيري المونديال البرازيلي من دور الستة عشر ليلحقا بمنتخبات غانا والكاميرون وكوت ديفوار التي ودعت البطولة من الدور الأول. وسقط نسور نيجيريا أمام الديك الفرنسي بهدفين نظيفين بينما خسر المنتخب الجزائري (الخضر) أمام نظيره الألماني 1/2 في الوقت الإضافي لمباراتهما سويا والتي انتهى وقتها الأصلي بالتعادل السلبي. وذكرت صحيفة "أوجلوبو" البرازيلية "انتصار أوروبي. الأفارقة كافحوا ولكنهم خرجوا". وكافح كل من المنتخبين النيجيري والجزائري بشجاعة وحماس بالفعل لكنه مني بالهزيمة في وقت متأخر من المباراة لتبقى الحقيقة التي ستذكرها سجلات البطولة أن جميع المنتخبات الأفريقية الخمسة المشاركة في البطولة ودعت المونديال البرازيلي قبل دور الثمانية. ووصلت المنتخبات الأفريقية لدور الثمانية ثلاث مرات فقط على مدار تاريخ بطولات كأس العالم وذلك عن طريق المنتخب الكاميروني في مونديال 1990 بإيطاليا والسنغالي في مونديال 2002 بكوريا الجنوبية واليابان والغاني في 2010 بجنوب أفريقيا. ولكن أيا من هذه المنتخبات لم يستطع عبور دور الثمانية. وعقب المباراة أمام فرنسا، بدا ستيفن كيشي المدير الفني للمنتخب النيجيري غير قادر على إيجاد الكلمات التي يرد بها على الأسئلة بشأن عدم قدرة المنتخبات الأفريقية على استغلال المواهب الموجودة في صفوفها بشكل أفضل. وقال "لا أعلم لماذا... ربما لسنا أقوياء بالدرجة الكافية، ربما لم نركز بالشكل الكافي". وقد يكون افتقاد التركيز بالفعل سبباً رئيسياً لأن المشاكل التي تعاني منها المنتخبات الأفريقية أصبحت متشابهة لحد كبير مثل الخلافات حول المستحقات المالية ومقاطعة اللاعبين للتدريبات وتدخل الساسة البارزين في معسكرات الفرق أو ربما زيارتها أيضا. وقبل مباراتهم أمام المنتخب الفرنسي، مر المنتخب النيجيري بهذه التجربة التي أصبحت بمثابة تقليد مخل بالنظام في الفرق الأفريقية. وقال كيشي، في محاولة لتفسير ما حدث، "إنه جزء من الثقافة، عندما يأتي وزراء أو ممثلون آخرون للدولة لزيارتنا وتحفيزنا". وشهد معسكر المنتخب النيجيري زيارة وزير الرياضة النيجيري. وقال كيشي إن الوزير "كان بحوزته مكافآت الفريق". وكان كويسي أبياه المدير الفني للمنتخب الغاني مرتبكا أيضا عندما حاول تفسير المشكلة. وقال أبياه، قبل يوم واحد من خروج النتخب الغاني من الدور الأول للبطولة ، "النظام في أفريقيا مختلف عنه في أوروبا". وشهد معسكر الفريق في البرازيل توزيع نحو ثلاثة ملايين يورو على اللاعبين وأعضاء الطاقم التدريبي. وفسر أبياه للصحفيين الرياضيين هذا قائلا "عليكم أن تتفهموا أننا جئنا من مناطق مختلفة". والحقيقة هي أن اللاعبين الأفارقة يخشون ضياع نصيبهم من الملايين التي يدفعها الاتحاد الدولي للعبة (فيفا) إلى المنتخبات المشاركة. ويشعر اللاعبون بالقلق من أن تحويل هذه الملايين بعد الانتهاء من البطولة قد يجعلها تتحول إلى الاتحادات الرياضية وإلى المسؤولين الفاسدين ليضيع حقهم فيها. ولذلك، تكون الخلافات بشأن المستحقات المالية ومقاطعة اللاعبين للتدريبات أحيانا سبباً رئيسياً في عدم تحقيق النجاح للمنتخبات الأفريقية ببطولات كأس العالم. وفي محاولة لمواجهة هذه المشكلة، اقترح جيروم فالكه سكرتير عام الفيفا مطلع هذا الأسبوع أن جميع المنتخبات المشاركة يجب أن تقدم للفيفا اتفاقات مكتوبة بين اللاعبين والاتحادات بشأن المكافآت الخاصة باللاعبين وذلك قبل بدء بطولات كأس العالم. ومن ثم، يسدد الفيفا إلى اللاعبين مكافآتهم مباشرة من الأموال التي يرصدها للاتحادات المشاركة في البطولات وذلك عبر حسابات مصرفية دون نقل أي دولار واحد على طائرة لمعسكرات الفرق المشاركة. وقال فالكه "أمر محزن للغاية أن ينتهي بنا المطاف إلى مثل هذه القصص. السداد نقدا، إنه لأمر محزن.. سنحرص على مطالبة الاتحادات الوطنية بموافاتنا باتفاقات بينها وبين اللاعبين". والمشكلة الثانية للمنتخبات الأفريقية تتضح أيضا في التصريحات التي أدلى بها بواتينج وهي الثقة المفرطة بالنفس. وتضم معظم المنتخبات الأفريقية نجوما من طراز عالمي بين صفوفها مثل ديدييه دروجبا في المنتخب الإيفواري وصامويل إيتو في المنتخب الكاميروني. ولكن هذه الفرق تستكمل قوائمها بلاعبين يأتون في مرتبة تالية حيث ينشط بعض لاعبي المنتخب النيجيري في الدوري المحلي أو في بطولات دوري صغيرة. وطالما ظلت الحال هكذا دون تغيير في هيكل واستراتيجيات الكرة الأفريقية ، سيظل مدربون مثل كيشي يشكون من التحكيم ومن الضغوط المؤلمة للخروج المبكر من البطولات.