×
محافظة المنطقة الشرقية

التحقيق في مصرع شاب على طريق عفيف – ظلم

صورة الخبر

يقتلني الضعف في مختلف أحواله، سواء للرجل أو المرأة، أيا كان شكل الضعف، عاطفيا أو اقتصاديا، يبقى سيئا ولئيما وبغيضا. فالضعف في حد ذاته مشكلة كبيرة يحتاج منا إلى تقييم، وإلى إعادة ترميم ما بداخلنا، وعلينا أن نعرف أن الضعف يأتي حينما يشعر الإنسان أنه اقترب شبرا ونصف من الهزيمة، يعتقد البعض أنه بمجرد أن يصاب بالهزيمة، أن حياته ستنتهي في لحظة واحدة، متناسيا أن الهزيمة هي من تصنع شخصياتنا التي سنكون عليها لاحقا. الضعف لا يأتي؛ لأنك لا تملك إلا ذراعا واحدة، أو لأنك لا تملك حسابا بنكيا عامرا بالنقود، أو لأنك لست وسيما بما يكفي لتجذب أنظار من حولك، الضعف يأتي في أغلبه على شكل الرفض، حينما تشعر بأنك سترفض ممن حولك، أو حينما أصلا ترفض من المجتمع الذي ترغب في الولوج إليه، لكنه للأسف يرفضك، هنا تكبر تلك الخلايا الداخلية في جسدك، تتمدد دون هوادة، تسحق كل كريات القوة التي في الأصل قد خلقت معك، كل شيء يصبح أمامك قابلا للانهيار، للتلاشي، للتهشم قطعة.. قطعة، فقط لأن رأسك لامست هواء الرفض. وأنا يسحقني أن أعيش لحظات ضعف الآخرين، فأجد أن التعاطف وحده لا يكفي معهم، انهيار الإنسان المعنوي والجسدي أمام أي شيء في الحياة لا معنى لهُ، أن تسقط لأي سبب، وأن تستهلك كل طاقتك في محاولة لكسب تعاطف ومحبة الآخرين، وانكسارك أمامهم أمر لن يهبك سوى الموت الذي ترفضه، ولن يعيد لك أي شيء فقدته. أنا أيضا أعيش بين حين وآخر أمزجة مختلفة من الضعف أمام من أحبهم أو في عملي، وأحيانا أمام بعض الماديات، وأشعر بكثير من الخذلان لنفسي، لذا فأول شيء أفكر فيه في تلك اللحظة هي ذاتي، التي يجب عليّ أن أحترمها جدا، وأن أراعي تماما احتياجاتها والأهم من كل ذلك، أنني لا أريد أن يصبح الضعف أمرا اعتياديا. أحيانا حينما نكون في علاقة إنسانية أيا كان نوعها أو هويتها، بمجرد شعورك بالضعف أمام الطرف الآخر، عليك جيدا أن تقف صارما أمام نفسك، أن تكون شفافا وصادقا، أن تستعجل العلاج لنفسك، ولا يعني ذلك أن تتحول إلى النقيض وتصبح عنيفا أمام الطرف الآخر، وإنما أن تجد العلاج الحقيقي لحقيقة ضعفك حتى لا يتأصل بك. كنت على الدوام أشعر بالحزن الشديد، كلما تصفحت جرائدنا المحلية ووجدت خبرا عن لجوء فتاة إلى هيئة الأمر بالمعروف مثلا لحمايتها من "الابتزاز"، أحيانا أشكك في مصداقية مثل هذه الأخبار، لا أعترض على دور الهيئة ولا على أي شيء آخر، لكن كثرة مواضيع "الابتزاز" تشعرني بأن هناك ثمة خلل، هل هو في عدم قدرة الفتاة على حماية نفسها، لذا تلجأ إلى طرف آخر ليحل قضيتها؟، هل وصلت الفتاة لدرجة الضعف حتى إنها تلجأ إلى مؤسسة رسمية لتأخذ حقها بعد أن عجزت؟، إذ إنك بمجرد أن تلجأ إلى طرف آخر لا تعرفه، وتطلب منه أن يحميك ويحمي عرضك وشرفك، هو أمر في حد ذاته يشي بحزن لا حد له، وهو ذات الضعف وأنا أقرأ تلك الأخبار التي ولله الحمد لم تصبح بكثرة ابتزازات بعض أنصاف الرجال للفتيات، ومحاولة وضع كمين لاصطيادهن من قبل المؤسسات الدينية، حينما تعرض المرأة على زوجها هدايا بمبالغ كبيرة؛ كي لا يفكر في الزواج عليها، ولاحظوا، إن مثل هذه القصص والحكايات تكثر في القرى أوفي المجتمعات المغلقة إلى حد ما، أدرك تماما حجم ما تشعر به المرأة، أعرف أنها تقول لو دفعت كل أموالي كي لا يتزوج عليّ، فأني سأقوم بذلك، إنه الضعف الحقيقي للإنسان، الشعور بالهزيمة أمام النفس وأمام الآخرين. أعرف مشاعر المرأة تماما، أدرك الهوة العميقة التي تسقط فيها، بعد أن يخذلها رجل حياتها، بعد أن يتركها بسبب رغبة أو نزوة، ولأنها في هذه الحالة وفي هذا العمر الذي وصلت إليه، لا يهمها ما ستقوله نساء قريتها وجيرانها وأقربائها، بسبب دفعها مثل هذا المبلغ؛ كي لا يأتي بـ"ضرة" على رأسها، وهنا سينتهي شعورها الحقيقي بدورها كزوجة وأم، وكشخص مؤثر وفاعل في الحي الذي تسكنه. لذا، فهي تحاول أن تكون أكثر ذكاء وفطنة، وتأتي بالنقود أمام رجلها وتضعه عند قدميه، راجية منه بعد هذا التصرف أن يكف عن جلب الحزن إلى قلبها. أعرف، أنا حزينة اليوم لأسباب كثيرة؛ لأنني امرأة ونحن في العادة إذا لم نجد شيئا نبكي عليه فإننا نخترعه، وأنا اليوم أحاول أن أخترع حزنا خاصا بي. وبمناسبة ضعف المرأة، أتابع هذه الأيام بحماسة متقطعة مسلسل: "السيدة الأولى" للفنانة غادة عبدالرزاق، فقط لأنها تهبني ذلك الشعور الذي لا أجده في معظم النساء، الكيد والقوة، وعدم الحاجة إلى اللجوء إلى مؤسسة دينية؛ كي تأخذ حقي في الدفاع عن عرضي. إنه الخوف الذي يدفع نون النسوة؛ كي تسدل الستار على وجهها، وترفع السماعة لتطلب الحماية. إنه الضعف المرير. الضعف فقط!