×
محافظة المدينة المنورة

أمام الحرم: المسلم أحوج ما يكون إلى الوعي في زمن كثر فيه الغش وشاع بين عمومه التدليس

صورة الخبر

وصفت ورقة بحث، أعدها «برنامج دراسات اسرائيل» في مركز «مدى الكرمل»، الفترة الحالية التي تعيشها اسرائيل في أعقاب التقليصات التي أجريت على الموازنة والخطة التي وضعها وزير المال يائير لبيد، بـ «فترة بينيّة وحالة انتظار، قد تتحوّل إلى أزمة اقتصاديّة شاملة في أسوأ الحالات، أو تباطؤ مؤقّت يمكن تخطّيه في السيناريو الأكثر واقعيّة»، وفق ما جاء في ورقة مركز «مدى الكرمل»، التي ناقشت مدى نجاح خطة لبيد الاقتصادية في منع أزمة اقتصادية مالية في اسرائيل، مستبعدة نجاح الخطة في حماية الإقتصاد الإسرائيلي من أزمة مالية واقتصادية، غير مضمونة، لأسباب متعلقة بمتغيّرات عدّة، منها داخليّة وخارجيّة، لا سيّما في ظلّ استمرار الأزمة الماليّة العالميّة وتنامي عدم الاستقرار السياسيّ والأمنيّ في منطقة الشرق الأوسط. وفـــي تدريج المتغيــرات التي تستدعي الى التشكيك في إمكان تغيير الأوضاع الاقتـــصادية في اسرائيل، يأتي في المكانة الأولى المتغير المتعلق بتراجع إمكانات إسرائيل في الحصول على مساعدات خـــارجيّة، بسبب الأزمة المالية العالمية، فـــيما برزت داخلياً الحاجة للتعامل مع فجــــوات وثغـــرات قائمة في أسواق العمل في إسرائيل، مثل نِسَب المشاركة في سوق العمل بين فئات المجتمع الإسرائيليّ وفـــي إنتاجيّة العمل، ما يضرّ بنموّ الناتج المحلي ويساهم في زيادة الفروق في الدخل وارتفاع معدلات الفقر. ويتطلب التعامل مع هذه الفجوات تغيراً جذريًّا في جهاز التعليم وأولوياته، وتغيير رأس المال البشري في شرائح واسعة من المجتمع الإسرائيليّ، وتوفير الأدوات الضروريّة للاندماج في أسواق العمل الحديثة ذات الإنتاجيّة المرتفعة.   العامل الديموغرافي سبب إضافي يعيق التغيير في أسواق العمل ويقلل من احتمالات نجاح الخطة الاقتصادية، يتعلق بالتغيرات في ديموغرافية إسرائيل، التي باتت تصعّب رفع المشاركة في أسواق العمل وإنتاجيّة العامل، لأنّ حصّة المجتمع اليهودي المتشدد دينياً زادت من مُجْمَل السكّان وباتت تقارب 10 في المئة من المجموع، وهي فئة لا تشارك بنسب عالية في أسواق العمل ولا تملك الأدوات التعليمية للاندماج بأسواق العمل الحديثة. ويتطلب رفع معدلات مشاركة هؤلاء المتدينين في أسواق العمل، تغيراً في التوافق السياسي في المجتمع الاسرائيلي ويحتاج الى فترة زمنية طويلة. في المقابل، يضيف معدو الورقة ان نسبة فلسطينيي 48 من مُجْمَل السكّان بلغت نحو 19 في المئة، وقرابة 25 في المئة من الأجيال الشابّة (15-29 عاماً)، لذلك فان الطاقات الكامنة لرفع النموّ وتطوير الاقتصاد الإسرائيليّ ورفع الناتج المحلّيّ مرتبطة بتحسين وتغيُّر حالة السكّان العرب في إسرائيل، وذلك يتطلّب قراراً سياسيّاً أكثر منه قراراً اقتصاديّاً بحتاً. ولا تستبعد الورقة ان يشكل التحول في التركيبة العمرية للمجتمع الاسرائيلي وارتفاع حصة الاجيال المسنة، تحولاً يحمل إسقاطات سلبيّة على مستقبل الاقتصاد الإسرائيليّ والنموّ في المدى البعيد، كذلك ارتفاع نسبة ارتباط أو تعلّق الفئات المسنّة بالفئات الشابة العاملة يؤدّي إلى زيادة مخصَّصات التقاعد وتأمين المسنّين وزيادة الدعم الحكوميّ لهذه الشريحة، ورفع الضرائب لتمويل هذه المخصّصات، مع ما يحمله من تهديد للاستقرار الاقتصادي. ويضع معدو الورقة تساؤلات عدة حول قدرة حكومة بنيامين نتانياهو والخطّة الاقتصاديّة على تغيير الحالة الاقتصاديّة والتعامل مع العجز الماليّ للحكومة، من دون إلحاق ضرر جِدّيّ في الشرائح الضعيفة، او تجنيد مصادر ماليّة خارجيّة أو قروض ميسّرة لسدّ العجز ومن دون تغيير في التوافق السياسي في اسرائيل أو تغيير مكانة السكان العرب. من ناحية أخرى، فانّ انتهاج سياسة نقديّة انكماشيّة، أي خفض مصاريف الحكومة وموازنات الاستثمار، قد يؤدّي بدوره إلى تباطؤ آخر في الدورة الاقتصاديّة من دون امكان للتعويض عن ذلك بزيادة الصادرات والاستعانة بالأسواق العالميّة، بسبب تراجع الاستهلاك فيها، إلاّ إذا نجحت إسرائيل في تطوير علاقتها الاقتصاديّة مع الدول الصاعدة الجديدة في شكل أعمق من الآن، مثل الصين والبرازيل وروسيا وغيرها. لذلك، فإنّ أيّ خلل في الحسابات قد يُدْخِل الاقتصادَ الإسرائيليّ في حلقة مفرغة تنقله من حالة تباطؤ بسيط إلى ركود عميق يرافقه عجز كبير في الموازنة. لكن، على رغم ما قيل، هناك عامل جديد قد يغير هذه الصورة القاتمة، وهو اكتشاف الغاز في المياه الاقتصاديّة الإسرائيليّة، الذي من شأنه أن يرفع نسبة النموّ الاقتصاديّ ويخفض أسعار الطاقة والمنتجات، وبالتالي يخلق فرصاً جِدية للنمو الاقتصادي.