تسارعت تطورات الملف السوري في واشنطن بعد اجتماعات للرئيس الأميركي باراك أوباما مع قيادات الكونغرس ونجاحه في كسب تأييد نواب جمهوريين مرموقين بينهم جون ماكين وليندسي غراهام. وأفادت شبكة «سي. أن. أن.» امس، أن أجواء البيت الأبيض حيال إمكان نيل موافقة الكونغرس إيجابية، فيما قال ماكين إن أوباما وعده بتسليح الثوار في مقابل تأييد الضربة. واستمرت الاجتماعات السرية والعلنية حتى وقت متأخر أمس مع توجه وزيري الخارجية جون كيري والدفاع تشاك هاغل ورئيس هيئة الأركان مارتن ديمبسي إلى الكونغرس لحضور جلسة استماع علنية. وأشارت «سي. أن. أن.» إلى أن أجواء البيت الأبيض تعكس إيجابية، خصوصاً بعد تحول بعض النواب الديموقراطيين من خط الرفض إلى طلب تعديل النص لجعل الضربة «محدودة الأهداف والفترة الزمنية». لكن الصورة بعيدة من الحسم في مجلس النواب، حيث هناك تشكيك جمهوري في ضوء استمرار الاجتماعات مع النواب. ولخص السناتور الجمهوري ليندسي غراهام الذي اجتمع مع الإدارة أول من أمس منطق الضربة بالإشارة إلى أن الحرب في سورية «إقليمية، وإذا استمرت إلى عام آخر فهي ستهدد المنطقة بالكامل وقد تعني سيطرة حزب الله على أسلحة كيماوية». وأضاف أن «واشنطن لا يمكن أن تظهر ضعيفة في هذا الملف لأن ايران تراقب، و(شن) ضربة ناجحة في سورية قد يعني تفادي حرب بين إسرائيل وإيران» حول البرنامج النووي. وتعهد غراهام قيام الولايات المتحدة بـ «مساعدة السوريين إذا ذهب (الرئيس بشار) الأسد في محاربة (تنظيم) القاعدة». وجدد أن الغرض ليس تغيير النظام إنما «رحيل الأسد لأنه في مصلحة الأمن القومي الأميركي». وأكد ماكين أن أوباما تعهد تسليح الثوار في مقابل المساعدة في حشد تأييد للضربة، وأفاد موقع «دايلي بيست» أن هذا التوجه ضروري كي يكون هناك استراتيجية فاعلة ما بعد الضربة. وفي الكونغرس، مثل كيري وهاغل وديمبسي في جلسة استماع أمس، وسط تحذيرات من عواقب عدم التحرك في سورية بالنسبة لصدقية الولايات المتحدة على الساحة الدولية، وتداعيات ذلك على الملف النووي الإيراني. وأوضح مسؤول كبير في وزارة الخارجية أنه من المقرر أن «يشرح المسؤولون الثلاثة أنه في حال عدم التحرك ضد الأسد، فإن ذلك سيقضي على المفعول الرادع للقوانين الدولية التي تحظر استخدام الأسلحة الكيماوية، ويعرض اصدقاءنا وشركاءنا على طول حدود سورية للخطر، وقد يشجع الأسد وحليفيه الأساسيين حزب الله وإيران». ويستأنف مجلسا الشيوخ والنواب العمل رسمياً الثلثاء المقبل مع انتهاء العطلة الصيفية. ويعتزم البرلمانيون اغتنام هذا الوقت لإدخال تعديلات جوهرية على القرار الذي أعده البيت الأبيض في صفحتين، والتأكيد فيه على أنه لن يتم نشر أي جندي أميركي على الأرض. ويخرج العديد من البرلمانيين منذ الأحد على وسائل الإعلام لانتقاد العملية التي يقترحها أوباما باعتبارها واسعة النطاق أكثر مما ينبغي، ومن بينهم حتى ديموقراطيون، مثل السناتور باتريك ليهي الذي يحمل صراحة على النص. ونقلت وسائل الإعلام الأميركية عن عدد من المسؤولين في الكونغرس حديثهم عن فرص ضئيلة في التصويت على القرار الذي ينبغي إقراره بالصيغة نفسها في مجلس النواب الذي يسيطر عليه الجمهوريون ومجلس الشيوخ الذي يسيطر عليه الديموقراطيون، حتى يصبح نافذاً. وأعلن عدد ضئيل من البرلمانيين دعم النص. وكان متوقعاً أن تكشف جلسة الاستماع موقف عدد من الأعضاء الأساسيين، مثل السناتور المحافظ ماركو روبيو الذي يرد اسمه كمرشح جمهوري محتمل للانتخابات الرئاسية المقبلة العام 2016. وتختصر المعضلة التي يواجهها روبيو الخيار المطروح حالياً على الجمهوريين بين التصويت مع «الصقور» لمصلحة القرار وإعطاء الرئيس الديموقراطي انتصاراً سياسياً، أو الوقوف إلى جانب حركة «حزب الشاي» في رفض القرار، ما سيضرب صدقية الولايات المتحدة. وقال مسؤولون عسكريون حاليون وسابقون إن تكلفة إطلاق صواريخ «كروز» على أهداف مختارة في سورية يمكن استيعابها بسهولة نسبية. وقال محللون إن تأثير ذلك على شركات تصنيع السلاح ستكون محدودة نسبياً. لكن بعض أعضاء الكونغرس يشعر بالقلق من أن تفجر أي ضربة لسورية صراعاً أوسع نطاقاً. وهم يستخدمون هذا المنطق لتفادي مزيد من الخفض في الإنفاق العسكري حيث تواجه وزارة الدفاع (بنتاغون) خفضاً قيمته 500 بليون دولار خلال عشر سنوات في إطار عملية «التخفيضات التلقائية»، إضافة إلى خفض آخر مقرر بالفعل يصل إلى 487 بليوناً.