كان إلى "يميني" في الحفل الأسطوري المهيب لتخريج الدفعة السابعة من برنامج خادم الشريفين للابتعاث، واحد من أكثر شخصيات مجتمعنا صخباً وضجيجاًً ضد البرنامج يوم بداياته. تبادلت معه أحاديث الحرج والفرح على تغيير المواقف وتبدل الآراء وهو يأتي إلى العاصمة الأميركية للاحتفال بتخرج ولده وابنته. كان في قمة النشوة والفرح وهو يقول لي "إن طاعك السوق وإلا طعه". يقول لي إن ولده في أول صباح من يوم المهنة تلقى عرضاً جذاباً من مؤسسة النقد السعودي وأن "ابنته" أيضاً تلقت عرضاً مغرياً من شركة وطنية عملاقة لكنها رفضت خوف "الاختلاط" وبالطبع، هو على حق فيما رأيت، ومن التناقض أن تأمن على ابنتك في حرم الجامعة الأميركية ولا تأمن عليها في قلب شركة بالرياض.. ومع هذا.. هذه هي الحقيقة. عودة إلى الحفل: عندما عزف السلام الملكي لوطني، شعرت بصدق أنها المرة الأولى التي أسمعه بصخب وترديد 4000 طالب مبتعث في قاعة مهيبة. شعرت بالفخر والاعتزاز بوطني وأنا أشاهد آلاف الطلاب قبل الحفل في طابور طويل أمام "أكشاك" يبيع فيها الأميركي الخالص أعلام وطني وشعاراته لأبنائنا القادمين إلى مسيرة التخرج. كان شعوراً مختلفاً وأنا أشاهد منطقة "Gaylord" في العاصمة الأميركية تتحول لثلاثة أيام إلى منطقة سعودية خالصة فما هي البراهين والشواهد؟ بعيد الحادي عشر من سبتمبر كان أمام "وطني" خيار وحيد بسحب أبنائه من الأرض الأميركية، ومع هذا كان القرار التاريخي بعمل النقيض، فما الذي حصل؟ أولادنا هناك يسجلون أعلى نسبة من بين شعوب الأرض في عدد البعثة الرسمية، وأيضاً وللعام الثالث على التوالي تحصد الجالية الطلابية السعودية شهادة الخارجية الأميركية كأكثر الجاليات على الإطلاق تماشياً مع القوانين وأقلها جنحاً وجريمة. في حفل العام الماضي تم رصد 560 عائلة أميركية تطلب حضور حفل التخرج استناداً إلى علاقاتها مع الأسر السعودية على سجلات البعثة. في حفل هذا العام تم رصد ما يزيد عن 400 خريج من الجامعات الأميركية الثلاثين الأول على القائمة الأميركية لأفضل الجامعات في تخصصات بالغة النوعية. في يوم المهنة تم عرض أكثر من 3000 وظيفة عبر 120 منفذا للتوظيف وكل ما أخشاه أن يحدث عكس ما كنا نتوقع: أن يجد خريجو الجامعات المحلية أنفسهم في منافسة غير متكافئة مع خريجي الابتعاث على فرص المستقبل.