بدأت الإجازة الصيفية، وفي هذه الأيام يتوجه البعض للسياحة الخارجية والبعض للسياحة الداخلية، فيما يبقى عدد لا بأس به في مدنهم لا يغادرونها معتمدين في حياتهم اليومية على ما هو موجود في مدنهم من مدن ترفيهية أو مجمعات تجارية أو حدائق عامة، وقد يعيشون يومهم بشكل تقليدي بالنوم في النهار والسهر في الليل، أو قضاء جزء كبير من وقتهم في الاطلاع على مواقع التواصل الاجتماعي أو تصفح "الانترنت". وتبرز أمام العديد من الأمهات مشكلة كيفية قضاء أبنائهنَّ ذكوراً وإناثاً هذه الإجازة بشكل إيجابي، فنجد أنَّهنَّ يتساءلن عن الأماكن التي يمكن أن يذهب الأبناء إليها، وعن كيفية استثمار هذه الإجازة عبر ممارسة أنشطة تعود عليهم بالفائدة، إلى جانب السؤال عن الطُرق المثلى التي يمكن عبرها استثمار هذه الإجازة الطويلة التي قد تصل أيَّامها إلى حوالي (90) يوماً. وتفتتح "وزارة التربية والتعليم" العديد من الأندية الصيفية للبنين والبنات في عدد من المدارس بالمملكة خلال الاجازة، حيث تمَّ تخصيص ميزانية كبيرة لهذه الأندية لتمارس دورها في استثمار أوقات الفراغ لدى الطلاب ومن في مستواهم ببرامج تربوية وثقافية واجتماعية ورياضية وفنية ومهنية وعلمية هادفة وجاذبة، إلى جانب إشباع رغباتهم بممارسة نشاطات تربوية متنوعة، وكذلك إكسابهم المهارات والخبرات الميدانية، إضافةً إلى اكتشاف مواهبهم ورعايتها، مع تنمية إحساسهم بمشكلات المجتمع، وإعدادهم للمشاركة في حملها، وتنمية روح التعاون والعمل الجماعي المثمر لدى الطلاب وتربيتهم على الحياة المستمدة من التوجيه الإسلامي، وكذلك تدريبهم وتعويدهم على التخطيط والتنفيذ للعديد من البرامج والمشروعات التربوية الهادفة. نشاط صيفي وقال "محمد بن سلطان السلطان" - مدير بيت الأمير فيصل بن فهد للشباب بالرياض -: بحكم إدارتي لهذا البيت الذي يُمثِّل أحد بيوت الشباب في المملكة البالغة (22) بيتاً للشباب تُقدِّم خدماتها لجميع فئات المجتمع، خاصةً فئة الشباب من سن (10) أعوام فما فوق، وذلك وفق شروط وضوابط للحصول على العضوية المؤهلة للإفادة من الخدمات التي يوفرها البيت بدعم من المسؤولين عن بيوت الشباب، مضيفاً أنَّ البيت استعد مبكراً منذ بداية شهر رجب لإجازة الصيف، مبيناً أنَّ هناك خطة للنشاط الصيفي والرمضاني تبدأ من (10) شعبان وحتى نهاية الإجازة المدرسية في شهر شوال المقبل، موضحاً أنَّ الخطة تشتمل على العديد من الأنشطة والبرامج والمسابقات والمشاركات والزيارات والمحاضرات، إلى جانب تنظيم مسابقات في القرآن الكريم، لافتاً إلى أنَّه قد تمَّ أخذ الموافقة على التنفيذ مع بداية الإجازة الدراسية، وأنَّ نسبة تشغيل بيت الأمير فيصل بن فهد للشباب بالرياض تصل إلى أكثر من (90%). وأضاف أنَّ تلك النسبة تشمل الممارسين للأنشطة والسكن في جميع أوقات السنة، مضيفاً أنَّ بيوت الشباب مثلها مثل جميع القطاعات الخدمية المعنية برعاية الشباب أخذت نصيبها من تطور الأسلوب التقني الحديث في معظم أعمالها، موضحاً أنَّ إصدار البطاقات والحجوزات والأنشطة يتم حالياً بشكلٍ آلي، مشيراً إلى أنَّ من يحصل على عضوية بيوت الشباب يُتاح له الإفادة من جميع الخدمات التي تقدمها البيوت. رغبات الأعضاء وأكَّد "السلطان" أنَّ القائمين على بيوت الشباب يحرصون دائماً على أن تتوافق البرامج والأنشطة مع رغبات الأعضاء، مضيفاً أنَّهم يسعون جاهدين على أن يكون لها مردود إيجابي وانعكاس جيِّد على مدارك الأعضاء ومعارفهم ولياقتهم عبر متخصصين في المجالات الرياضية والاجتماعية والثقافية، مؤكداً على أنَّه يتم استثمار خبراتهم في غرس مفاهيم القيم والمحبة واكتشاف المواهب المتميزة وصقلها والأخذ بيدها، إلى جانب توجيه طاقات الشباب التوجيه الصحيح الذي يبعدهم عن ممارسة السلوكيات المرفوضة. وأوضح أنَّ النشاط المُحبَّب للأعضاء هو ممارسة السباحة بالدرجة الأولى وممارسة كرة القدم، مضيفاً أنَّ ألعاب الحديد وكمال الأجسام تُعدُّ من الأنشطة التي يُقبل عليها الكثير، بيد أنَّها لا تتوفر في بيوت الشباب، مشدداً على ضرورة أن يغتنم الأفراد هذه الفرصة بالإفادة من هذه المنشآت التي سخرتها حكومة خادم الحرمين الشريفين -حفظه الله- لخدمة الشباب، مؤكداً أنَّ عدم وجود بيوت للفتيات أسوةً بالشباب هو أمر يعود إلى الجهات العليا التي تمتلك السماح بذلك. رتابة الأنشطة وبيَّنت "سمر الضي" أنَّ أبناءها يبدؤون منذ وقتٍ مبكر جداً قبل أن تبدأ الإجازة بشهر تقريباً في طلب قضاء الإجازة بالشكل الذي يطمحون إليه، مضيفةً أنَّهم يحاولون وضع تصور معين لإجازتهم، إذ تدخل هي وأبوهم معهم في مفاوضات ليستقر الحال غالباً على تدبير برامج مدتها أسبوعين داخل أو خارج المملكة، في حين يتبقى من الإجازة أكثر من (40) يوماً يستسلم خلالها أبناؤها إلى الكسل والنوم والسهر الطويلين، مبينةً أن لا حجة لها أمامهم، ذاكرةً أنَّ تسجيل أبنائها في مركز صيفي أو نادٍ موسمي كما هي تسميته حالياً تُعدُّ فكرة لا بأس بها، بيد أنَّها تحتاج إلى شيء من التعديل والإضافات، مؤكدةً أنَّ انتهاء الدوام اليومي للمركز الصيفي عند الواحدة ظهراً لا يحل المشكلة ولا يُقدم للأطفال وقتاً كافياً يستحوذ على كل يومهم، متمنيةً أن يصبح الدوام متأخراً ويبقى حتى وقت متأخر عند السادسة مساءً. وأشارت إلى أنَّ رتابة الأنشطة قد تدفع أبناءها إلى ترك المركز الصيفي قبل انقضاء الأسبوع الأول على التحاقهم به، مضيفةً أنَّ البرامج والأنشطة عادةً ما تكون جافة وبطيئة ومستهلكة ولا تتناسب مع أجواء الصيف الذي يتطلب إيقاعاً أسرع واستخدام أدوات العصر بشكلٍ أكثر مرونة، مشيرةً إلى أنَّ بعض المشرفين على الأنشطة الصيفية يتعاملون مع الأطفال كأنَّهم طلاب فيطالبونهم بالانضباط الذي لا يتناسب مع أجواء الإجازة، الأمر الذي قد يجعلهم يتساءلون ألسنا في إجازة؟ مراكز صيفية وخالفتها الرأي "هدى عبد الله"، مشيرةً إلى أنَّها تجد أنَّ في المراكز الصيفية فُكاكا من إزعاج الأبناء، مضيفةً: "لدينا أندية صيفية كثيرة يمكن الإفادة منها للبنات والأولاد، وهي متنوعة ما بين القطاعين العام والخاص، وكل على حسب قدراته ومزاجه"، موضحةً أنَّ العمل في بعضها يبدأ من الساعة الثالثة حتى الثامنة مساءً، وأحيانا التاسعة، مبيِّنةً أنَّ الأنشطة فيها متعددة وكثيرة، وأهمها تحفيظ القرآن الكريم، مشيرةً إلى أنَّه لا يتسنى للأبناء أثناء وقت الدراسة أن يجدوا هذا الاهتمام والتركيز والأنشطة الممتعة، ذاكرةً أنَّ هذه الأندية تجعلها ترتاح من إزعاج أبنائها في فترة مهمة من اليوم، وبالتالي يمنحها ذلك القدرة على إعداد طعام مميز، أو زيارة صديقاتها أو حتى مجرد الاسترخاء والنوم. أنشطة متنوعة وقالت "رولا القاضي" - مالكة إحدى المدارس الخاصة التي تحتضن نشاطاً صيفياً سنويّا-: إنَّ المدارس تقبل الأطفال من سن ستة أشهر إلى (11) سنة بالنسبة للذكور، وإلى (13) سنة بالنسبة للإناث يومياً، وذلك من الثامنة صباحاً حتى الواحدة والنصف ظهراً خلال شهر شعبان فقط، مضيفةً أنَّه يتم أثناء ذلك تقديم أنشطة متنوعة للأطفال تتناسب مع أعمارهم، ومنها فنون الرسم والتلوين والألعاب المائية وتحفيظ القرآن الكريم، إلى جانب تنظيم عدد من الرحلات الترفيهية داخل المدينة، مضيفةً أنَّه يتم أيضاً تخصيص أيام بعينها لممارسة نشاط يخص موضوع بعينه، ليكون بمثابة توعية بيئية مغلفة بإطار ترفيهي تفاعلي يشارك في صنعه الأطفال، مشيرةً إلى أنَّ هذا النشاط مستمر منذ خمسة أعوام بنجاح، نظراً لحاجة الأمهات -خاصةً العاملات منهن- لمكان آمن يستمتع فيه أبناؤهنَّ أثناء غيابهنَّ في العمل في الفترة الصباحية، موضحةً أنَّ ذلك يفيد كثيراً الأمهات العاملات في القطاعات غير التعليمية.