ثمة مشكلة تؤرق حقاً في سورية: «كيف يمكن العمل بفعالية وإخلاص وصدق وأخلاقية كي نستعيد... جمهور المسرح السوري؟»، وكيف يمكن الجهود المبذولة أن تثمر في سبيل تحقيق هذا الهدف الصعب التحقيق لا سيما هذه الايام؟ بدا أن هذه المشكلة تسبب قلقاً لمحطة «تلاقي» السورية، ما جعلها ومن صباح هذا الاربعاء، تهبَ في استديواتها، العجيبة والمتفردة بصرعات ديكوراتها، لاستقبال من سيناقش معها هذه القضية الشائكة بعيداً عن طبول تقرع في المدينة وحروب تعلن على البلد. ربما كان بإمكان المحطة ايضاً بعد الانتهاء من مناقشة هذا السؤال المهم جداً بلا ريب إنما في زمانه ومكانه مع ذوي الاختصاص، استشارة الأفلاك في برنامجها التالي عن الابراج، عن وسائل استعادة الجمهور الهارب من ارتياد المسارح السورية. سؤال آخر وجيه، لكنّ الشقيقة الكبرى لمحطة «تلاقي» لم تجد نفسها معنية بطرحه على بساط البحث أو مجرد الإشارة إليه. السؤال يتعلق هنا باستعادة جمهور... الملاعب في سورية. فعلى رغم الفترة التي خصصتها «الإخبارية السورية» لنقل خلاصة مطوّلة عن اللعب في الساحات السورية الفارغة من اي جمهور، لم يدخل كما يبدو في نطاق اهتمام المعلق الرياضي التلفزيوني خلو المدرجات من أي متفرج. كل ما يهمّ كان الحديث عن الدوري السوري الذي يتم في مواعيده وعن تفاصيل بعض مبارياته كتلك التي جرت بين فريق الشرطة وفريق بانياس (ولمن قد يهمه الأمر، فإن فريق الشرطة كان الفائز)، وهو نبأ ما كان لأحد أن يعرفه، غير اللاعبين بالطبع، لولا الإخبارية ولولا هذا السبق الذي يحسب لهذه الشاشة السورية الحاضرة دوماً لتقدم للشعب السوري الغائب عن الفعاليات الرياضية والثقافية كل ما يتعسر عليه حضوره أو حتى المعرفة بمجرياته. في الفترة الصباحية ليوم الأربعاء أيضاً، كانت الفضائية السورية تسوح بكاميرتها، على وقع أغاني فيروز كالعادة لتأجيج الحنين إلى ايام السوريين «الهانئة» السابقة، وكانت تعبر أماكن سورية الجميلة وحقولها الممتلئة بسنابل القمح المتمايلة واللامعة تحت أشعة الشمس، ولكن الخالية من أي أثر للبشر. من حق المحطات السورية التساؤل، حين تتساءل، عن السبب الغامض الكامن وراء غياب الجمهور عن المسارح والمــلاعب والحقول وحتى عن الشوارع في المساء، فأين يختفي الشعب السوري؟! ملاحظة: الشعب الأردني اختفى كذلك. فتحت عنوان: «في الأردن رفض شعبي لمحاولات استهداف سورية»، اقتصر الرفض على شاشة الإخبارية بمحلل استراتيجي أردني وعميد متقاعد ونائبة... أما مراسلة التلفزيون السوري فكانت تبث رسالتها من عمان من شارع خال من أي مواطن يشهد على ما دعي «رفضاً شعبياً».