المسؤولية الاجتماعية ليست مجرد أسماء أقسام أو إدارات حديثة في هياكل الشركات والبنوك، كما أنها ليست شعارا ترفيا مستوردا، وفي الوقت نفسه لا يمكن أن تكون مؤتمرات أو ندوات للعرض والتسويق تحمل من القشور أكثر مما تحمل من المضمون، وإنما هي قناعة (!!) وثقافة مجتمع من القاعدة. لنعترف بأن هذا المصطلح تغريبي بالكامل ـــ لمن أراد ذلك ـــ وليس في ثقافتنا ما يقابله، حتى وإن حاولنا اختراع النموذج الموازي كما نفعل دائما مع كل المفاهيم المستوردة، وإن كنا ــ ولله الحمد ــ روادا في عمل الخير القائم على الزكاة والصدقة والتكافل الاجتماعي. حدثتني إحدى الأكاديميات السعوديات بأنها كانت تتفاوض مع بعض الجامعات الأمريكية على قبول بعض طلاب الطب، وفجأة قال لها المفاوض الأمريكي: لماذا لا تفعلون كما يفعل الكويتيون؟ قالت: وماذا يفعلون؟ قال: إنهم يشترطون على كل الشركات الأمريكية التي لها عقود تجارية أو عسكرية مع الكويت أن تخصص جزءا من إيراداتها لبرنامج المسؤولية الاجتماعية على هيئة مخصصات ومنح دراسية في الجامعات والمستشفيات وعلاج بعض الأمراض المستعصية... إلخ. مع كل العقود العملاقة التي تتضح أرقامها المعلنة وغير المعلنة في ميزان التجارة مع أمريكا (وغيرها)، كم من المكاسب التي سوف تتحقق لهذا البرنامج؟.. وكم من مواطن سوف يستفيد منها؟.
