تعليمنا لا يسر الحال برغم المليارات التي أنفقت عليه بقلم الكاتب / عبدالله حسن ابوهاشم ندما تخرجت من كلية إعداد المعلمين عام 1409، وعند مباشرتي لمهنة التعليم، كان وزير التربية والتعليم في ذلك الوقت هو معالي الدكتورعبدالعزيز الخويطر، الذي فجعنا وأحزننا رحيله عن دنيانا قبل أيام، أسأل الله له الرحمة والمغفرة وأن يسكنه فسيح جناته. عادت بي الذاكرة إلى الوراء، عندما كنا نجتمع نحن المعلمين، ونشرع في تسليط سهامنا على وزارتنا، ونكثر من نقدنا لها ولقرارات قيادييها، وعلى رأسهم وزيرها الراحل الخويطر رحمه الله. وهذا ليس غريبا فنحن أمة (شاطرة) في النقد، وكما يقولون (لا يعجبنا العجب) أشياء كثيرة لم نكن راضين عنها، نقابلها بامتعاض شديد، ونؤديها على مضض. ولكن عندما أقارن بين مستوى التعليم في تلك الفترة وبين تعليمنا خلال السنوات الأخيرة حتى الآن بحكم أنني ما زلت أعمل في هذه المهنة أردد قول الشاعر: رب يوم بكيت منه فلما صرت في غيره بكيت عليه فبرغم ما في ذلك الوقت أو تلك الفترة، من أخطاء وسلبيات، هي التي كانت تدفعنا إلى النقد والتأفف من عملنا، ولكنها وبكل صراحة لا تساوي شيئا بالمقارنة بما أشاهده الآن من تدني خطير في مستوى طلابنا، خاصة في القراءة والكتابة في المرحلة الابتدائية، حتى إن الطالب يصل إلى المرحلة المتوسطة، وهو يخطئ في كتابة اسمه، ومن يريد أن يتأكد من ذلك، فما عليه إلا أن يكلف نفسه ويدخل إلى إحدى مدارسنا المتوسطة، ليشاهد بعينه حجم الكارثة التي وصل إليها طلابنا من ضعف في مادتي القراءة والإملاء، أضف إلى ذلك ما نشاهده من انتشار خطير لظاهرة الغياب بين الطلاب والمعلمين، خاصة في اليوم الأخير من الأسبوع، حتى أصبح يوم الخميس كأنه يوم إجازة يضاف إلى يومي الجمعة والسبت. باختصار شديد تعليمنا لا يسر الحال برغم المليارات التي تنفق عليه. لذلك أصبحت أبكي على تلك الأيام، أيام الدكتور عبدا لعزيز الخويطر، ليس حنينا إلى الماضي كما قد يتصور البعض، ولكن يكفي أن أقول بأن المعلمين كانوا في السابق أكثر انضباطا والتزاما في عملهم، وأكثر عطاء، لا ترى في أيديهم داخل الفصل إلا الكتاب أو الطباشير التي يصل غبارها إلى ملابسهم، لذلك كان مستوى طلابنا وتحصيلهم العلمي أحسن بكثير من الآن. أقول هذا الكلام من واقع خبرتي وتجربتي في التعليم، فلم يكن المعلمون في ذلك الوقت يعرفون جهاز الايفون أو الجالكسي مثلما نشاهد الآن، حيث يمسك بعض المعلمين بهذه الأجهزة داخل الفصل، يتصفحونها أمام الطلاب، أكثر مما يمسكون بالقلم والكتاب، ويتبادلون الأدعية والأحاديث والنصائح في الحصة التي هي من حق الطالب وهم محاسبون عليها. وفي نفس الوقت يطالب المعلمون بحقوقهم، لذلك انخفض مستوى الطلاب، وقل تحصيلهم في المادة العلمية، وكانت مدارسنا أكثر حزما مما نشاهده الآن، لم نكن نشاهد حجم الغياب بين الطلاب والمعلين بهذا الشكل الذي نشاهده اليوم، كان حضور الطلاب والمعلمين في اليوم الأخير في الأسبوع مثل اليوم الأول منه، ويكفي كذلك أن طلابنا في المرحلة الابتدائية كانوا يجيدون مسك القلم، ويتقنون القراءة والكتابة، قبل أن ينتقلوا إلى المرحلة المتوسطة، لأنهم وباختصار شديد لم يعرفوا التقويم المستمر ونتيجة (كله واحد)، كانت هناك اختبارات تلك التي منعنا من ذكر اسمها، وكانت هناك درجات تحدد النجاح والرسوب.