تتولى شبكة البصمة العالمية GFN تحديث حسابات البصمات البيئية الوطنية لأكثر من 220 دولة كل سنة. فتقارن بين طلباتها على الموارد والخدمات الإيكولوجية (أي بصماتها) وكمية هذه الموارد والخدمات المتوافرة داخل حدودها (أي قدرتها البيولوجية). ويختلف أداء كل بلد سنة بعد سنة، لكن اتجاهاً واحداً ما زال مهيمناً منذ عقود: التجاوز الإيكولوجي العالمي يتنامى، وهو حالياً أعلى 54 في المئة من القدرة البيولوجية لكوكب الأرض، وتتطلب البشرية قدرة بيولوجية تفوق 1,5 ضعف ما يستطيع كوكبنا تجديده. أظهرت بيانات الشبكة أن معدل طلبات البلدان الغنية على الموارد الطبيعية انخفضت بشكل حاد في بداية الأزمة المالية العالمية عام 2008. وفي عام 2010، عادت البصمة البيئية الفردية إلى الارتفاع في عدد قليل من هذه البلدان عندما باشرت الحكومات إنفاق بلايين الدولارات لتحفيز اقتصاداتها. أما في البلدان المتوسطة والمنخفضة الدخل فلم تشهد البصمة الفردية تغيراً يذكر، وفق تقرير «حسابات البصمة الوطنية لعام 2014» الصادر حديثاً عن الشبكة. انخفضت البصمة البيئية للفرد عالمياً بنسبة 3 في المئة بين عامي 2008 و2009، وهذا يعود بشكل رئيسي إلى انخفاض الطلب على الوقود الأحفوري وبالتالي انخفاض البصمة الكربونية. أما البلدان المنخفضة الدخل، التي لا يتصف مستواها المعيشي بالمرونة، فلم يكن لها دور كبير في انخفاض البصمة الفردية للبشرية. يغطي تقرير حسابات البصمة الوطنية هذه السنة خمسة عقود، متتبعاً البصمة البيئية والقدرة البيولوجية للدول خلال الفترة من 1961 إلى 2010، وهي أقرب سنة تتوافر عنها مجموعات كاملة من البيانات. وفي ضوء أحدث البيانات، يمكن لشبكة البصمة العالمية أن تبين تداعيات الأزمة المالية العالمية الأخيرة على الموارد. انخفضت البصمة البيئية للفرد في البلدان المرتفعة الدخل خلال الفترة من عام 2008 إلى عام 2009، لكنها بقيت أكبر بثلاثة أضعاف ما هي في البلدان المتوسطة الدخل، وخمسة أضعاف ما هي في البلدان المنخفضة الدخل. أما البلدان المتوسطة والمنخفضة الدخل فقد استقر الطلب الفردي على الموارد الطبيعية في معظمها، أو ازداد، خلال الأزمة المالية العالمية. وتتضح فوارق البصمة البيئية بين البلدان المرتفعة والمتوسطة والمنخفضة الدخل في المكوِّن الكربوني، الذي يشكل حصة أكبر في البصمة البيئية لدى البلدان المرتفعة الدخل. فهو يمثل ثلثي مجمل البصمة البيئية للولايات المتحدة، على سبيل المثال. فمع أن بصمتها الكربونية انخفضت 13 في المئة من 2008 إلى 2009، فإن انبعاثاتها الكربونية بدأت تزداد مجدداً عام 2010. حدثت اتجاهات مماثلة في بلدان أخرى مرتفعة الدخل. فمن 2008 إلى 2009، انخفض المكون الكربوني في البصمة البيئية 21 في المئة في الدنمارك، و20 في المئة في إسبانيا، و10 في المئة في بريطانيا، و9 في المئة في اليابان. ولكن في عام 2010، ازداد حرق الوقود الأحفوري والانبعاثات الكربونية في الدنمارك وبريطانيا واليابان. وتبين أن الاتجاهات في البلدان المرتفعة الدخل أثناء الأزمة المالية العالمية الأخيرة تتماشى مع كيفية استجابة بصماتها للصدمات المالية السابقة وفترات النمو الاقتصادي. فخلال الأزمة النفطية وموجات الركود الناتجة منها خلال سبعينات وثمانينات القرن العشرين، على سبيل المثال، انخفضت البصمة الفردية بحدة في البلدان المرتفعة الدخل. ومع بداية توسع الاقتصادات ازداد حجم البصمات. لكن اتجاهات البصمة البيئية في البلدان المتوسطة والمنخفضة الدخل نادراً ما تغيرت أثناء الأزمات الاقتصادية العالمية. فسكان البلدان المنخفضة الدخل هم أقل اندماجاً في الاقتصاد العالمي. استهلاكهم محلي أكثر، ويتكون أساساً من منتجات الكتلة الحيوية مثل المواد الغذائية والسلع الضرورية للحياة. على نقيض ذلك، تضاعفت تقريباً بصمة الفرد في الصين منذ تسعينات القرن العشرين، وهذا مدهش نظراً إلى الحجم السكاني في البلاد. يقول ماتيس واكرناغل، رئيس شبكة البصمة العالمية: «نتوقع أن تظهر بيانات السنة المقبلة عودة المزيد من البلدان المرتفعة الدخل إلى مسار تصاعدي للبصمة البيئية. وتزداد خطورة هذا المسار في عالم تجاوز قدرته الإيكولوجية. كثيراً ما ننسى وجود بدائل أفضل. ولدينا فرص كثيرة للعمل ضمن موازنة الطبيعة من خلال سياسات واستثمارات ذكية تولد رفاهاً بشرياً دائماً». يمكن الاطلاع على بيانات البصمة البيئية لبلدك من خلال تقرير المنتدى العربي للبيئة والتنمية «خيارات البقاء: البصمة البيئية في البلدان العربية» عن موقع المنتدى www.afedonline.org مجلة البيئة والتنمية