استبشرنا خيراً، وأخيراً خلال هذا الأسبوع بالموافقة على نظام الحماية من الإيذاء، والذي طالبنا به كثيراً خلال السنوات الماضية من خلال معايشة فعلية لقضايا العنف الأسري عن قُرب وليس من خلال تنظير، ولا يعني هذا بأن العاملين في مجال الحماية كانوا مكتوفي الأيدي تجاه تلك القضايا، بل كان هناك العديد من الإجراءات عند استقبال الشكاوى، وعند التدخل، وعند الإيواء، استناداً على قرارات سابقة بالتعاون ما بين وزارة الداخلية منذ عام 1426هـ كجهة لها مكانتها الأمنية، وما بين وزارة الشؤون الاجتماعية والجهات الأخرى المعنية بمواجهة العنف الأسري مواجهة متكاملة وليست مبتورة! وفي عام 1429هـ كانت قرارات مجلس الوزراء داعمة أكثر لمعالجة هذه القضية من حيث توحيد جهة المتابعة على أن تكون تحت مظلة وزارة الشؤون الاجتماعية ولكن بتعاون الوزارات الأخرى كمثل الإعلام من حيث تكثيف برامج التوعية الإعلامية عن العنف الأسري، ووزارة التربية والتعليم من حيث الاهتمام بالمناهج الدراسية لنشر روح التسامح والسلوكيات المقبولة اجتماعياً، ووزارة الصحة من حيث اكتشاف حالات الإساءة وأهمية التبليغ عنها، وجميع الجهات المعنية في السنوات الأخيرة أحرزت تقدماً وتعاوناً في هذا المجال، وها هو النظام ولله الحمد تم صدوره لكن لا يكفي ما دام جميع الجهات السابقة تقف عاجزة أمام أهم جهة للحد من انتشار العنف وتكراره ألا وهي “المحاكم” التي تُعتبر هي المحطة الأخيرة لتأديب المُعنفين لأُسرهم! لذلك فإن صدور النظام سيكون داعماً لدور وزارة الشؤون الاجتماعية تجاه هذه القضية الهامة لأنها الجهة الوحيدة التي تقف في وجه التيار عندما تتأزم تلك المشكلات الأسرية والكل يتسابق باتهامها بالقصور من منظوره الخاص، وهو لا يدرك بأن الشؤون الاجتماعية لا تستطيع لوحدها الوقوف أمام قضية تحتاج لمبادرات حكومية ومدنية تهتم بهذا الشأن الوطني! لذلك لا بد أن يكون مُلزماً ودافعاً لوزارة العدل لكي تبادر بسرعة إنشاء المحاكم الأسرية وتدريب القضاة على ترجمة مواد النظام على أرض تلك المحاكم والذي سيشمل بلا شك عقوبات مختلفة لمرتكبي العنف.. وأن يكون الاهتمام بالبت في تلك القضايا واضحاً وعاجلاً منعاً لتأزمها! وعدم الاستهانة بمطالب النساء لحماية أطفالهن المتعرضين للعنف، خصوصاً أطفال بعض المطلقات الذين يتعرضون لحياة قاسية صعبة نتيجة لحرمانهم من العيش مع أمهاتهم! ولكن بعض الإجراءاتالقضائية تساهم في استمرار معاناتهم أكثر بسبب طول مدة التقاضي، وبطء تنفيذ الأحكام الشرعية، ولا مبالاة المعتدين بحضور الجلسات والالتزام بها! لذلك سيكون هذا النظام أيضاً رسالة لجميع العاملين في المجال الأمني بعدم التهاون في شكاوى النساء المعنَّفات اللاتي يلجأن لهم في أوقات الطوارئ! وأن يكون رسالة أقوى لكل من يستهين بقضايا العنف الأسري وبخاصة الأقارب والجيران والأصدقاء الذين يرفعون شعارهم البائس عند حدوث موقف عنيف بقولهم “وش دخلنا”! “ما نبغى مشاكل”! فهذه السلبية الواضحة من الكثير سيعالجها بلا شك النظام بحماية كل مُبلغ عن أي حالة عنف، وإن كان هذا الذي يحدث حالياً من خلال استقبال البلاغات عن حالات العنف الأسري، لكن صدوره بشكل رسمي سيكون دافعاً للمشاركة في هذه المبادرة والشراكة الاجتماعية والإنسانية. moudyahrani@ تويتر