الدمام أسامة المصري اعتبر المعارض السوري المستقل، فواز تللو، أنه لا يمكن توقع ما الذي سيحدث بعد توجيه الغرب ضربة عسكرية «محدودة» لنظام بشار الأسد، وقال إن فرار اللاجئين نتيجة استخدام السلاح الكيماوي هو ما دفع الغرب إلى التحرك. وتوقع تللو، في حوارٍ لـ «الشرق»، أن يكون الأفق الزمني للعمل العسكري الغربي ضد نظام الأسد مفتوحاً، «بمعني أن الضربات قد يتم معاودتها بشكل متكرر حسب الاعتبارات العسكرية والسياسية بعد أن يكون حاجز الضربة الأولى أسس لقواعد اشتباك عسكري وسياسي جديدة»، حسب قوله، وإلى نص الحوار: هل تتوقع تنفيذ الضربة العسكرية المحتملة؟ نعم، هناك ضربة عسكرية دولية وستكون غالباً خارج إطار الأمم المتحدة، لكن من المهم وضعها في إطارها، أي كيف ولماذا، فالقراءة الصحيحة هي التي تساعد في بناء استراتيجيات للثورة للاستفادة من الضربة بما يساعد على إسقاط النظام خاصة أن الأمريكيين وحلفاءهم يكادون يقسمون باليمين المعظَّم أنهم لا يهدفون إلى إسقاط النظام ولن يستهدفوا رأسه. ما هي أسباب توجيه الضربة من وجهة نظرك؟ أسباب الضربة تتلخص في الآتي: أولاً الحفاظ على هيبة الرئيس الأمريكي، باراك أوباما، التي اهتزت للغاية نتيجة اختراق خطوطه الملونة بكل الألوان وعلى رأسها الأحمر، ثانياً جر النظام السوري إلى الحل السياسي وفق جنيف وهو الذي رفض تقديم أي تنازلات وزادت جرائمه بما أحرج المعارضة الراغبة في الذهاب لكنها محرجة، الأمر الثالث وهو الأهم أن استخدام الكيماوي بهذا الشكل دفع وسيدفع لنزوح مئات الآلاف من تلك المناطق إلى الأردن بشكل خاص وهو ما يشكل هاجساً دولياً بسبب التخوف على النظام السياسي في الأردن نتيجة عوامل سياسية واقتصادية واجتماعية تتأثر بهذا العدد الهائل من اللاجئين، ولنتذكر أن الأردن أغلق حدوده بشكل كبير أمام تدفق اللاجئين، كما أن موضوع اللاجئين يشكل مبررا للأتراك الراغبين في مساعدة الثورة لكن بغطاءٍ سياسي واقتصادي إقليمي ودولي عبر الأمم المتحدة أو خارجها عبر الناتو. أنت تقصد أن الكيماوي ليس أصل المشكلة؟ نعم، أرى أن استخدام السلاح الكيماوي ليس هو المشكلة، بل المشكلة في أزمة اللاجئين التي ستنتج عنه والخوف من امتداد الصراع إقليمياً، فلو كان استخدام الكيماوي لا يحرك اللاجئين ويبقى الصراع تحت السيطرة داخل سوريا دون امتداده إقليميا فلن يتدخل أحد، ما حصل هو أن اللاجئين سيبدأون في التدفق إن لم يتم توجيه رسالة قوية للنظام الذي كان سيتابع في استخدام الكيماوي وأي سلاح ممكن ضد الثورة. ماذا عن المناطق الآمنة؟ أرجح العمل على تنفيذ مناطق آمنة على جزء من محافظة درعا على الحدود مع الأردن، لكن سيسعى الأتراك إلى فرض منطقة مشابهة في الشمال وهو ما سيقاومه الأمريكيون، المنطقة الآمنة في الجنوب قرب الأردن هدفها استيعاب اللاجئين فيها بما في ذلك الموجودون في الأردن لتخفيف الضغط عليه لكن أعتقد أيضاً أن الأمريكيين سيوجهون رسالة للنظام السوري عبر الروس حتى لا يضطروا لتوجيه ضربات شاملة ضد الدفاعات الجوية والأرضية للنظام لتجنب إسقاطه، وربما يقبل النظام ذلك مرغماً. في رأيك، كيف سيتصرف الأمريكيون لو بدأ النظام في الانهيار؟ في حال التحقق من انهيار وشيك للنظام على يد الثوار، أعتقد أن الأمريكيين سيعمدون إلى شن ضربات نهائية واسعة بهدف تدمير ما تبقى من قوة عسكرية وتنفيذ عمليات برية محدودة مع بعض فصائل الجيش الحر للسيطرة على مخازن السلاح الكيماوي وما قد يتبقى من أسلحة دمار شامل، كما أن ذلك سيساعد هذه الجهات لفرض نفسها لاعباً مؤثراً في سوريا المستقبل بالمشاركة في قطف ثمار نصر سيكون في تلك الحالة محققا معهم ودونهم. ماذا عن «ما بعد الضربة الأولى»؟ الضربة ستكون محدودة والحسابات الدقيقة للأمريكيين هي الحرص على إضعاف النظام عسكرياً وبشكل أكبر سياسياً دون إسقاطه، لكن اليوم التالي للضربة لا يمكن توقعه سواءً لجهة تقديرات مبالغ فيها عن قوة النظام أو لجهة ردود فعله وما قد تستدرجه من ضربات أخرى أو لجهة استغلال الجيش الحر للعملية بشكل فعال، كما أن العملية ستكون ذات أفق مفتوح زمنياً بمعنى أن الضربات سيتم معاودتها بشكل متكرر حسب الاعتبارات العسكرية والسياسية بعد أن يكون حاجز الضربة الأولى أسس لقواعد اشتباك عسكري وسياسي جديدة وإعادة خلط وترتيب أوراق، باختصار ما قبل الضربة ليس كما بعدها أبداً مهما كانت الضربة العسكرية محدودة. ما الدور المطلوب الآن من قوى الثورة؟ أكرر ما أشرت له من قبل عن ضرورة بناء استراتيجيات عسكرية وهي مهمة القوى العسكرية الفاعلة على الأرض، الأمر يتعلق بالبدء في مشروع توحيد حقيقي بعيداً عن الهيئات العسكرية المزيفة الحالية التي فاحت روائحها، وكذلك بناء استراتيجيات سياسية وهو أمر لا تستطيع المعارضات الحالية القيام به وقد فشلت على مدى عامين ويحمل بعضها مشاريع أقرب للنظام منها للثورة، وهنا يبرز أيضا ضرورة عمل توحيدي من قِبَل القوى المدنية والسياسية الفاعلة على الأرض بعيداً عن الهيئات المزيفة، هذه لحظة عمل ومسؤولية لكل هؤلاء للبناء على ما سيأتي وتطويره وصولاً لإسقاط النظام عسكريا بما يسمح باستئصاله وإنجاز الثورة.