أبها علي فايع سيظل مسرحنا في المربع الأول لأنّ أفكارنا متكلّسة ! أعضاء لجان التحكيم في جائزة أبها للنصوص المسرحية مجرد متذوقين الكاتب المسرحي يحيى العلكمي مبدع مقلّ، لديه قلم حادّ، تتوارى خلف حدّته كتل كبيرة من النقد المفيد واللاذع، كثير الشكوى من الفعل الثقافي لدينا، يحبّ المسرح لكنّه يرى أننا ما زلنا في المربع الأول بسبب معيقات كثيرة لم نتخلّص منها، ولم تتحلحل عنها الأكلاس! له أراء جريئة جداً في المسرح وجمعيات الثقافة والفنون في المملكة بشكل عام وجمعية أبها بشكل خاص. منهجية علمية لماذا أنت كثير الكتابة عن المسرح لدينا؟ - الكتابة للمسرح أو عن المسرح فعل شاق وشائق في الوقت نفسه، حلمي بوجود مسرح مؤسس على العلمية والمنهجية إضافة إلى توافر الإمكانات والمواهب يدفعني إلى مزيد من التأمل وقراءة الواقع، ومحاولة رصد تلك المعيقات المتكاثرة والعمل على حلحلة التكلس الذي يبقينا في المربع الأول، على الرغم من زعمنا أننا نتقدم مسرحياً، فيما حقيقة الأمر أن مجموعتين أو ثلاث مجموعات على الأكثر هي من تبرز على السطح واستطاعت تحقيق منجز لافت. متطفلو الفن ماذا قدَّمت جمعيات الثقافة والفنون في المملكة للمسرح؟ - وماذا عساها أن تقدم في ظل ضعف المستوى الثقافي لبعض منسوبيها، وعدم إدراكهم دور المسرح وما ينبني عليه هذا الدور؟ بعض جمعيات الثقافة والفنون في وضعها الحالي لا تعدو أن تكون مقرات شبه مدرسية الحراك والحضور؛ ولهذا فإن نتاجها لن يتعدى هذا الإطار، ناهيك عن أن كثيراً من المتطفلين على الفن «حشروا» أنفسهم فيه دون أي مؤهلات لا على صعيد التأسيس العلمي أو الثقافي ولا الموهبة والانتماء. على جمعيات الثقافة والفنون وأن هنا أتحدث عن بعض الفروع الموزعة على المناطق أن تخرج من صندوق النمطية والرتابة وتبدأ في تقويم ما تقدمه، وما يمكن لها أن تحتويه من مواهب فنية قادرة. التجربة المسرحية كتبت نصوصاً مسرحية وتعاونت مع جمعية الثقافة والفنون في أبها لتقديم تلك النصوص للجمهور .. كيف كانت التجربة؟ ولماذا ابتعدت؟ - نعم بدأت التعاون مع الجمعية عام 1428هـ بدعوة من رئيس اللجنة المسرحية آنذاك، الأستاذ أحمد السروي، وكان العمل الأول « الطاحونة» ممثلاً جيداً للمسرح في جنادرية ذلك العام بشهادة فنانين ومخرجين من ذوي الخبرة، وحسب علمي فقد كانت المشاركة الثانية للجمعية بعد انقطاع دام سنوات، ثم قدمت نصاً مونودرامياً بعنوان» البيدق» وحصل على جائزة في مهرجان القاهرة للهواة وهو الحضور الأول لفرع الجمعية خارجياً، ثم قدمت نصاً للطفل بعنوان» الطارق الخفي» وأيضاً شاركت به الجمعية في الجنادرية.. التجربة كانت جيدة وكنت للأمانة أخطط لإنشاء مختبر مسرحي في جمعية أبها، وشرعت في ذلك صدقاً باقتراح اسم «مجموعة العمل المسرحي» بدلاً عن «الفرقة المسرحية» إرهاصاً لأن تكون دلالة الاسم الجديد محفزة على العمل وفق منهجية علمية وثقافية، وإحاطة تدريبية، غير أني وجدت المحيط غير متقبل لهذا التوجه، وهذا أمر أحيله إلى الفجوة المعرفية التي تحتاج ولاتزال إلى ردم لنقول إن لدينا مسرحاً في أبها، وعليه قررت الابتعاد لأن الأمور بدت لي وكأنها شخصية، وأنا لا أرغب في خسارة أحد. طبيعة ناقدة أنت دائم النقد والتعريض بمسرحيي جمعية الثقافة في أبها في عدد من مقالاتك وإن لم تصرح، ما الرسالة التي تريد إيصالها لهم؟ - ليس إلى هذا الحد، جلهم أصدقاء وطبيعتي الكتابية البدء في قراءة الحالة ثم وضع المشرط على الجرح، سأقولها بكل صراحة هناك تراجع كبير في الأداء على صعيد إنتاج أعمال مسرحية، ولعل انشغال الأستاذ السروي بإدارة الجمعية بما يحمله من أعباء أفقدنا مخرجاً كنا نعول عليه كثيراً، اللجنة المسرحية الآن لا تقدم أكثر من الخطة المبرمجة مسبقاً وعلى الحدّ الأدنى فليست هناك ورشة عمل، ولا مخطط واضح يدعم حضور المسرح في عسير بصيغة فنية متضافرة العناصر، حتى الدورات النادرة التي تقدم تفتقد لأهم عناصر الفعل التدريبي ولهذا لا نروم تقدماً ما لم يُعد النظر في طريقة إدارة اللجنة. واقع ومشكلات ماذا تقول لكُتَّاب النصوص المسرحية لدينا؟ - في البدء، لا بد من الاعتراف بأني مسبوق في جيلي، وعليه فلا يحق لي تقديم النصائح هنا، بل أنا من سيبحث ويستفيد من تجارب زملائي كُتَّاب النصوص المسرحية، غير أني ومن واقع التجربة والقراءة أهيب بكل منتمٍ إلى الكتابة المسرحية أن ينغمس في واقعه ويتماشى مع مشكلاته ويجعل هموم الناس نصب عينيه، أضف إلى ذلك الاطلاع والمشاهدة المستمرة للأعمال المسرحية ذات الشهرة عربياً وعالمياً، والقراءة الجادة لعيون الأعمال والدراسات المسرحية. كما أن اللقاءات المتبادلة لكُتَّاب النص المسرحي، كما حدث في ملتقى النص المسرحي السعودي الأول في يوليو 2010 من شأنها زيادة الكم المعرفي والمهاري لدى الكُتَّاب. مجرد متذوقين ماذا قدمت جائزة أبها الثقافية للمسرح السعودي بشكل عام من خلال جائزتها السنوية للنص المسرحي؟ - لا يشك أحد فيما قدمته جائزة أبها في سنوات ماضية للمسرح والمسرحيين، لكنها في سنواتها المتأخرة صارت تضم في لجان التحكيم أعضاء لا ناقة لهم ولا جمل في القراءة الناقدة للنصوص المسرحية، هم مجرد متذوقين للمسرح مثل أي متفرج، غير أن قراءة النص واستكناه دلالاته وأبعاده وما ينوء به من حمولات فكرية أو اجتماعية لا يتأتى لمن لم يقرأ كتاباً واحداً في نقد المسرح، وإنما حصل على معلوماته عن طريق ما أسميه «العدوى الببغائية»، والمشافهة السطحية.