×
محافظة المنطقة الشرقية

السعودية للكهرباء توقع ثلاثة عقود لعدد من المشروعات بقيمة تجاوزت 1.4 مليار

صورة الخبر

هل اكتفى الإعلام العربي في واقعه اليوم بمهمّة إبراز مآسي التناقضات المذهبيّة والسياسيّة دون دور تثقيفي توعوي يحقن الدماء ويحصّن العقول من مزيد الشقاء والتشتت؟ المعروف أن وسائل الإعلام الجماهيريّة في عالمنا العربي نشأت وتطوّرت في حضن الدولة الوطنيّة مبشّرة بمشاريعها ورؤيتها في تنمية الإنسان وحفظ كرامته طفلاً وشاباً وكهلاً. وكان للإعلام (الرسمي) المملوك للدول تأثير كبير في تحشيد الجماهير العربيّة نحو الأهداف الكبرى ما قبل ظهور ثورة الفضاء والإنترنت بشكل خاص. ومن الإنصاف أن نقول هنا إن الإعلام العربي نال في بلدان عربيّة شتى شرف محاولة دعم مسيرة التنمية التي استهدفت محو الأميّة وتنمية الشعور الوطني وتعميق الانتماء الروحي لأعظم حضارة روحيّة جعلت مكارم الأخلاق ركناً أصيلاً في مهمتها التاريخيّة. ولكن هذا الإعلام العربي الرسمي فيما بعد أخفق في مهمته وتحوّل من وظيفته المجتمعيّة إلى أداة سياسيّة رعناء فأفسدت العقول وأوغرت الصدور. وتجلّى هذا النكوص في الدور والمسؤوليّة في مراحل التجاذبات السياسيّة التي عصفت بالمنطقة خلال حقبة سوداء لم تنته بعد. وهكذا تجلّى الإخفاق في (الفعل) التنموي الإعلامي مقابل (الانفعال) السياسي والايدلوجي مع انشغال الإعلام العربي (بالدعاية) أكثر من (الإعلام) وما يستتبعه من دور تنويري ورقابي مفترض على أداء المؤسسات الحكوميّة. ومع الثورة الاتصاليّة الفضائيّة دخل المستثمر العربي هذا المجال مستفيداً من التناقضات التي عمّت كل شيء فكانت البواكير إمّا برامج تنازع المجتمع العربي في محافظته ووقار ثقافته أو تستفزّ مفاصل المكونات المذهبيّة والعناصر المتطرّفة. والنتيجة أن أوقدت هذه نيران العنف وأطلقت تلك شهوات الجسد. على سبيل المثال تشاهد برنامجاً حواريّا فيستفزك حين تجده متطرّفاً في فكرته ومقدِّمه وضيوفه. وتحت دعاوى حريّة التعبير ترى الكلّ أمامك يتشاتمون ويتراشقون مع أن أسمى غايات الحوار هو أن تفهمني وأفهمك فنتفق أو نختلف فتعذرني وأعذرك وكل حسابه يوم الحساب. والعجيب أن بعض من نجى بوسيلته الإعلاميّة من إيقاد حطب الفتن وإضرام العداوات بين الناس، سقط في أوحال الغي يعرض قطعان بنات العرب والعجم على شاشاته بزاد قليل من الحياء وكثير من الوقاحة تحت أضواء الغواية والنخاسة الفضائيّة. والخلاصة أن الإعلام العربي بشقيه الرسمي والخاص يبدو أنّه بات فاقد القدرة على (الفعل) الصحيح في صناعة الوعي وتجسير الفجوة الأخلاقيّة والتنمويّة بين مستوردات الحضارات وقيم مجتمع تتأرجح بشبابه عواصف (الفوضى الخلاّقة) من كل اتجاه. أما (الانفعال) الإعلامي العربي في وجوهنا فهو السمة الغالبة على مشهدنا الإعلامي المحزن. وبهذا وصلنا إلى مرحلة مفزعة حين أصبحت الشعوب تتخاصم مع بعضها نتيجة تعميم خطاب الكراهية والشتيمة. ومن ارث ثقافة الإعلام الرسمي المحتقن والخاص المفتتن انتقل ارث الدم والتناحر إلى شبكات التواصل الإلكترونيّة فظهرت الأجيال العربيّة من كل الشعوب والقبائل ليتعاركوا بدل أن يتعارفوا .. ولله الأمر من قبل ومن بعد. * مسارات.. قال ومضى: باب الحقيقة مفتاحه الضمير.. فاحفظ مفتاحك.