تتصاعد المحاولات الإيرانية لاستغلال دعوة وزير الخارجية الأمير سعود الفيصل لنظيره الإيراني جواد ظريف لزيارة المملكة لمحاولة ادعاء انتصارات وهمية بين أنصارها، وتحميل دعوة السعودية أكثر مما تحتمل. آخر هذه المحاولات تحليل نشره موقع "تابناك" التابع للحرس الثوري الإيراني بعنوان: "إيران وصقور أسرة آل سعود"، ادعى فيه أن سبب الدعوة "التفوق الإيراني في سوريا والعراق واليمن"، بل وزاد في ادعاءاته بالقول: "إن الدعوة جاءت بضغط أمريكي على المملكة، ضمن تقاسم أدوار في إطار المباحثات النووية الإيرانية الأمريكية". بيد أن الموقع -التابع لمحسن رضائي قائد الحرس الثوري السابق والسكرتير العام لمجمع تشخيص مصلحة النظام حاليًّا- تجاهل تمامًا عدة حقائق، أولها: أن الأسد ورغم دعم طهران العلني له بالمال والسلاح والمقاتلين، لا يزال عاجزًا عن وقف الثوار السوريين، أو السيطرة على مختلف مناطق البلاد رغم دخول الثورة عامها الرابع. أما الحقيقة الثانية التي حاول الموقع ترويج عكسها فهي فشل حليف إيران الأكبر في العراق (رئيس الوزراء نوري المالكي) في تشكيل أية حكومة إلا بتقديم تنازلات كبرى للأطراف العراقية، من سنة وشيعة وكرد صاروا يقفون بالكامل ضد التدخل الإيراني المستمر في العراق، وهو ما بدا جليًّا عقب الانتخابات العراقية. أما اليمن التي ادعى موقع الحرس الثوري التفوق فيها، فهي لم تخرج من أزمتها إلا بتوقيع مختلف الأطراف اليمنية على المبادرة الخليجية في الرياض، وهي المبادرة الوحيدة التي تؤكد مختلف الأطراف في اليمن تمسكها الشديد بها، باعتبارها المخرج الوحيد من أزمات البلاد، وتلك هي الحقيقة الثالثة. وبهذا يتضح أن التحليل الذي نشره موقع "تبناك" ليس سوى سلسلة من الأكاذيب التي توجت بالكذبة الكبرى وهي وجود ضغوط أمريكية على المملكة، وهو ما تنفيه واشنطن نفسها، بل ويؤكد إعلامها كل فترة وأخرى أن الغضب السعودي من الإدارة الأمريكية ما زال مستمرًّا. كما يؤكد الإعلام الأمريكي أن رسائل المملكة، سواء بالتحرك منفردة أو بالمناورات العسكرية، لا تترك لبسًا في أن السعودية لم تعد راضية عن الدور الأمريكي في المنطقة، وأنها قررت التحرك بشكل منفرد لتحقيق الاستقرار في المنطقة. ولكن لا بد من ملاحظة أن دعوة الفيصل لظريف ليست في إطار مباحثات ثنائية، بل هي دعوة بروتوكولية للمشاركة في اجتماع وزراء خارجية منظمة التعاون الإسلامي، وهي دعوة تصدر تلقائيًّا من المملكة لأية دولة عضو في المنظمة، على اعتبار أن المملكة هي الدولة المقر لمنظمة التعاون الإسلامي في جدة. ولكن الإيرانيين استغلوا الموضوع للادعاء بأنها دعوة لهم، في ظل عدم وصول دعوة سعودية بعد حديث الفيصل.