×
محافظة المنطقة الشرقية

التويجري: محافظة البدع تترقب تدشين المدينة الساحلية والكورنيش الشمالي

صورة الخبر

كيف لك أن ترتاح؟ كيف لك أن تجتاز ما أنت بصدده من منغصات تأتيك على التوالي؟ كيف لك أن تتعايش مع أمور تؤمن يقينا أنها خارجة عن الحق والعدل والإنصاف؟ أولا: عليك أن تستعد لسماع المحبطات، فقد تجد من يقول لك "تجازوها استسلم لها، تحمل ما يأتيك من جهتها، فأنت عاجز عن إحقاق الحق أو نصرته"، وقد يقول بعضهم: رد بالمثل وأوقع من حاول إيقاعك، واستخدم أساليبه على ضعفها أو فسادها، اثبت ولا تجزع فلست الأول ولن تكون الأخير ممن غير جلده بحسب المواسم وبحسب المواقف، فمع فلان كن متنمرا، ومع هذا كن وديعا، ومع ذاك لا تتحرك، المهم أن تصل في النهاية لمبتغاك، ولو كانت الطرق ملتوية، وقد يأتيك من يقول: حرصك على أداء عملك ليس الحق الذي تعتقد، بل النهاية الجميلة لهذا العمل هو الحق، فلا أهمية لعدالة القضية ما دامت تجلب لك الأشواك، ما دامت تجلب لك الألم، والباطل ليس باطلا ما دام ينتهي بك إلى النجاح، قيم من أنت موكل بهم دون مستواهم، اخسف بجهودهم وضيع طموحاتهم، عندها ستبقى متفردا دون غيرك، عندها قد يصفق الكثيرون لك. ولكل هؤلاء أقول: إن الحق يجلب راحة البال التي تحقق لصاحبها النجاح، وللوصول إلى الحق قد تمرون بالكثير من المشاق، والتي ـ من خبرتي ـ لن تنتهي دون الرجوع للخالق الحق الذي تجدون في حماه القوة والثقة لتستمروا وتثبتوا متيقنين أن لا أحد أقوى على نصرتكم منه سبحانه وتعالى، وهذا لا يعنى عدم معالجة أموركم ودعمها بما تستطيعون من حقائق تحتاجونها لتقيمون الحجة على خصومكم، وعلى غيرهم. ولأني أنأى بنفسي وبنفوسكم عن أن نستسلم للظلم أو نعتقد أننا عاجزون، أو أن من وقف أمامنا توعد وانتفض، فافزعنا وقطع أنفاسنا.. لهذا كله أتمنى أن نزرع في قلوب أولادنا بنين وبنات، وفي نفوس طلابنا أن الحق باق وأن أهله باقون، ولكنه انحسر لأننا أبعدناه، لأننا خشينا الاقتراب منه، لأن هناك من توعد وهدد معلنا أن من اقترب منه أو حاول الاقتراب سيخسر لا محالة. قالت لي إحدى المقربات: لا أعرف إن كان من المناسب أن أقول ولكن واجبي تجاه ديني ثم تجاهك كصديقة أن أبين أني كغيري يعتريني الكثير من المنغصات التي اعتقد بعضهم أنها السقطة التي لا حياة بعدها، ولكني على ضعفي المادي أمتلك ما أعتقده مفتاح النجاح.. وعليه فقلما أخسر قضية أدافع عنها، لا لأن قوتي أوصلتني لبر الأمان، بل لإيماني بأن الحق الذي أقف معه أو يقف معي قوي بالله سبحانه، فلا أستسلم ولا أنزوي وإن كنت أتحمل الكثير في سبيل ذلك. وأضافت: الفرق بيني وبين غيري أني أعلم أني غير معصومة وأعترف بذلك في حين أجد بعضهم لا يرى في نفسه نقيصة ويطالب باعتراف من حوله بذلك، أنا أخاف أن أظلم.. وكيف لا أفعل وأنا أعلم أن الله سبحانه جعل الظلم محرما على نفسه، الله الواحد الأحد الصمد حرم الظلم على نفسه، فمن أنا لأفعل؟! أنا لا أجاهد لأعدل فيمن هم تحت يدي حبا بهم، ولا أفعل حبا بالإنصاف، أنا أفعل خوفا من الخالق الذي توعد الظالم بأشد العقوبة، وخوفي هذا ليس نابعا من إيمان فقط، بل من تجارب عايشتها من قريب أو من بعيد، فعقوبة الله دائما بالمرصاد إذا تعلق الأمر بحقوق الآخرين.. حتى الكافرين منهم، بل حتى البهائم. وتكمل كلامها بقولها: النجاح على الأغلب رفيقي، ولكنه لا يأتي من فراغ، فلا بد من الصبر والثبات والثقة بما أفعل وأقول، وأنا في كل ذلك أستمد قوتي منه سبحانه، ثم من وطن لم يخذلني يوما، وطن فتح الأبواب المغلقة عادة، تستقبل من جاءها مظلوما لتسانده ولو بعد حين. يؤلمني أن أرى طالبة أحجمت عن المطالبة بحقها؛ لأنها تخشى ظلم الإدارة أو ظلم معلمة تجبرت واستبدت، يؤلمني أن أسمع إحداهن تقول: ما الفائدة من ذلك فستخسر درجاتها ومستقبلها، بل يؤلمني أن يطالب أحدهم أبناءنا بالاستسلام للظلم قائلا: دعوهم يغتمرون في ترابه فسيتعلمون من ذلك كله، دعوا الأشواك تخترق قلوبهم، ودعوا كبرياءهم وثقتهم بأنفسهم تتحطمان عند جدران الظلم؛ فمن كل ذلك سيتعلمون. ولهذا القائل أقول: سيتعلمون النفاق والكره وعدم الانتماء، سيتعلمون الانهزام والضعف والجبن، سيتعلمون الانصياع لغير الله ولغير الحق.. وسيتربصون بنا الدوائر.. وسيحاولون الانتقام منا وممن بعدنا.. وسيمارسون الخضوع والذلة والهوان، ولن تكون طاعتهم احتراما، بل خوفا مجوفا بالبغض الشديد، ولن نجدهم في الملمات إلا منحسرين غير مقبلين. لا أفهم لماذا لا نربي في أبنائنا القوة المبنية على أسس من الاحترام والتقدير؟ لماذا لا نعلمهم أن القوة لا تعني التطاول، وأن الثقة بالنفس لا تعني مطلقا التجاوز؟ بل هما يغلفان حياتنا وعلاقاتنا بغلاف من الاحترام والإجلال للمستحقين من والدين وأقارب وزملاء وولاة الأمر.