×
محافظة المنطقة الشرقية

غدا.. انطلاق الدورة العاشرة لمهرجان الرياض للتسوق والترفيه

صورة الخبر

لطالما اتصفت علاقة المراهقين بذويهم بالصعبة، تنطوي على محاولات للسيطرة من الوالدين، وتمرّد وعناد من المراهقين. ويحاول المراهقون بشتى السبل تأكيد حريتهم وحقهم في الخصوصية، وعدم الظهور كتابعين لوالديهم أو مرَاقَبِين من قبلهم. ويؤدي تعامل الأهل القائم على السيطرة والمراقبة والملاحقة إلى استفزاز أو تشكيل المراهق لسلوك التمرد، بينما يؤدي التعامل القائم على الثقة واحترام الخصوصية، وحرية الاختيار، إلى بناء مراهق واثق بنفسه ومتفهم لسلطة الوالدين. كثُر الحديث في السنوات الثلاث الماضية عن هجرة المراهقين الفايسبوك، وتحوّلهم إلى وسائل تواصل أكثر خصوصية، وأكثر بُعداً من والديهم وفق ما يؤكده الباحثون والمراهقون أنفسهم. فقد أعلن فايسبوك مطلع العام الحالي عن مغادرة 11 مليون مراهق للموقع، ما دفع الباحث البريطاني دانيال ميلر، أستاذ الإنثروبولوجيا في جامعة كوليدج بلندن، ووفق دراسة أجراها على مراهقين بريطانيين إلى إعلان وفاة الفايسبوك، ما اعتبره بعضهم مبالغة، بينما يؤكد المراهقون بقولهم إن الفايسبوك «مات ودُفن». ويعزو الباحثون وفقاً لدراسات أجريت على أعداد كبيرة من المراهقين الذين تركوا الفايسبوك، إلى دخول أهاليهم إلى الشبكة. فكما تقول (ت. و، 14 سنة): «ببساطة تركته لأمي، وذهبت إلى توتير لأن أمي لا تجيد استخدامه». بينما يقول (ر. س، 17 سنة) إنّ إمكانية دخول الوالدين والأجداد إلى الفايسبوك «أصبحت تشكّل بالنسبة إلينا شعوراً بالملاحقة من دون أي مبرر، فما كنت أتبادله مع أصدقائي في المدرسة، أصبحت أتبادله أمام هؤلاء جميعاً على الفايسبوك، وأُحاسَب حتى على أتفه الأمور. ببساطة، لا يمكنك أن تكون حراً ووالداك يراقبانك. إن الواتس آب أفضل وأكثر خصوصية». وعن الخصوصية، تتحدث (ر. ي، 16 سنة): «أجبرتني أمي على تعريفها بكلمة السر لحسابي على الفايسبوك، بحجة حمايتي من التحرّش عبر الإنترنت، فاكتشفت أنّها بدلاً من حمايتي أوقعتني في الحرج، بإضافتها لأشخاص قاموا بحظرها على الفايسبوك، لتتجسس عليهم من خلال حسابي، حيث تلقيتُ رسالة من سيدة تسألني عن إضافتي لها، فأجبتُها بأنني لم أفعل، أدركت أن أمي استغلت حسابي لفعل ذلك، فما كان من السيدة التي لديها خلافات مع والدتي، والتي ظهرتُ أمامها غبيّة كاذبة، إلا أن حظرتني أيضاً. بعدها أنشأت حساباً على تويتر لأن أمي لا تعرف استخدامه، ثم تحوّلت إلى الانستغرام والواتس آب». وتقول (س. و) إن الفايسبوك «جعل من أمي امرأة غير حقيقية، إنها تبدي إعجاباً بشكلي وصوري مع أصدقائي الذكور على الفايسبوك، بينما تعنّفني على ذلك في المنزل! لا أعرف أيهما عليّ أن أكون؟».   «دراما» ويعتقد مراهقون كثر أن الفايسبوك هو مكان لـ «الدراما» أكثر منه للتواصل السويّ. ويتساءل (م. ز، 17 سنة) في هذا الصدد: «لماذا علي أن أرى ماذا يأكل الناس وأين يذهبون وعلام يبكون أو يتشاجرون؟ الفايسبوك مليء بدراما ليس عليّ أن أضيّع وقتي برؤيتها! وفيما يرى مراهقون آخرون أنّ الفايسبوك لم يعد هو «الموضة»، ويوضح (ح. ق، 15 سنة): «كنت اضطر سابقاً لاستخدام جهاز الكمبيوتر المحمول الخاص بأمي، وثمناً لذلك كنت أضطر لإبقاء حسابي على الفايسبوك مفتوحاً لتتمكن من مراقبته. أنشأتُ حساباً باسم مستعار، لكن أمي اكتشفته من خلال تعليقات أصدقائي، الذين تتابعهم أيضاً. ثم حين حصلت على جهاز آي فون تخلّيت عن الفايسبوك كلياً، فالسناب تشات والواتس آب أصبحا في يدي طوال الوقت، وهما أبسط من الفايسبوك وأكثر خصوصية». وفي مطالعة لحسابات خمسة مراهقين عرب من الجنسين، على فايسبوك وتويتر، يتواجد أولياء أمورهم على حساباتهم على فايسبوك فقط، وبلغ معدّل حضور 4 منهم على تويتر 11 ضعفَ تواجدهم على فايسبوك تقريباً. ففي حين كانوا يظهرونلمرتين أو ثلاث على فايسبوك أسبوعياً، تراوح ظهورهم على توتير بين 11 و 13 مرة أسبوعياً. إنّ أمراً مثل تراجع الخصوصية على الفايسبوك، بدءاً من غزو العائلة له كما يقول المراهقون، أو إمكان إيجاد أي شخص لك على الشبكة، بعد إلغاء خاصية عدم السماح لأحد بالبحث عن اسمك في محرّك بحث فايسبوك، أو أخيراً قدرة فايسبوك على حفظ تحديثات الحالة التي لا نقوم حتى بنشرها، كأن نبدأ مثلاً بطباعة عبارة ثم نعدِل عن نشرها، ولكنها تبقى محفوظة لدى موقع فايسبوك، يشكّل هاجساً كبيراً لدى الأشخاص الباحثين عن الخصوصية والأمن، وهو أمر يقلق المراهقين، لكنهم في المقابل لا يكترثون ببيع بياناتهم الشخصية من قبل الموقع لأي جهة لأغراض تجارية. تشير الأبحاث إلى أن المراهقين هجروا الفايسبوك أولاً إلى تويتر لأن آباءهم لا يستخدمونه، ولأنه يتيح الخصوصية والاختصار بـ «تدوينة» تقتصر على 140 حرفاً، أي تعادل رسالة نصيّة، ثم إلى الانستغرام الأكثر خصوصية، الذي يقتصر على الصور، وأخيراً إلى الواتس آب والسناب تشات، وهي وسائل تواصل أكثر خصوصية وبساطة، ما دفع فايسبوك مطلع العام الحالي إلى شراء الواتس آب بقيمة 19 بليون دولار، سعياً وراء مستخدميه الشباب والمراهقين. ويصف المراهقون وسائل مثل الواتس آب والسناب تشات، عدا عن عدم قدرة والديهم على «التطفّل» عليها، بأنها ليست أماكن للتباهي والمفاخرة، بل هي أماكن أكثر حميمية للمشاركة والتواصل، وأنك تتشارك فيها ما تشاء مع من تريد فقط، من دون استعراض علني. ويفضّلون أن يبقى الفايسبوك مكاناً للتواصل مع العائلة فقط بواقع مرة واحدة أسبوعياً. كل هذه الأمور يجب أن تستوقف أولياء الأمور لمراجعة طريقتهم في التعامل مع المراهقين ونقلها من السيطرة إلى الثقة والحب، لئلا يتجنّبهم أطفالهم بالهرب إلى وسائل لا يمكنهم الوصول إليها. ولن يستطيعوا مجاراتها، نظراً للتفوق التكنولوجي الذي يمتاز به المراهقون على ذويهم. فايسبوكمجتمع