ألا تعلم ان هناك مليارات الريالات تدار في الاقتصاد الخفي (غير الرسمي)، والحديث ليس عن التستر على العماله الاجنبية ولا عن غسيل الاموال ولا عن بيع المخدرات لأنها جزء من الكل وهو الاقتصاد الخفي، وإنما اتحدث عن مليارات الريالات ان لم تكن تريليونات تدار في المعاملات التجارية داخل الاقتصاد الخفي إما نقدا او مقايضة ولا تدخل في الاحصائيات الرسمية ولا تستحق عليها الزكاة. هكذا نشاهد اعمالا عملاقة على ارض الواقع اصحابها غير معروفين بتجارتهم المليونية، وأراضي داخل النطاق العمراني مجمدة لعقود ومضاربة حادة عليها لا قيمة مضافة اقتصادية لها، وحركة تجارية نشطة لا تتعامل إلا بالنقدية (السوق السوداء) تؤثر على مستوى منافسة المنشآت في الاسواق سعريا ونوعيا بل انها حدت من مشاركة المنشآت الصغيرة والمتوسطة التي مازالت تتراوح عند 28% من اجمالي الناتج المحلي. هكذا يخسر اقتصادنا ويبقى معدل البطالة مرتفعا بين الباحثين عن عمل، بينما اقتصادنا ينمو باطراد ويتوسع، وسوق العمل لا يواكب هذا النمو بخلق فرص عمل مناسبة توظف عمالتنا. اننا في أمس الحاجة لنظام يكافح الاقتصاد الخفي الذي شوه ارقام اقتصادنا بل انه أدى الى فشل بعض السياسات الاقتصادية نتيجة لعدم الاخذ في الحسبان ما هو غائب عن الاحصاءات الرسمية ويحد من قدرات السياسات المالية والنقدية من خلال خلق سوق موازية يعمل بها افراد بتراخيص رسمية ولكن ممارسات غير شرعية أو غير شرعية من الأصل، يتم فيها تداول ملايين بل مليارات الريالات لا يستفيد منها الاقتصاد او المجتمع ككل بل تضر وتقلل فرص العمل وتزيد من معدل الجريمة وتخلق اقتصادا مدعاة للقلق وعالي المخاطر وذلك على حساب اقتصادنا الرسمي، بل على حساب مستحقي الزكاة من فئات المجتمع عامة وخاصة منهم يتلقون مساعدات من الضمان الاجتماعي الذي تمول ايرادات الزكاة جزءا كبيرا منه. لقد بلغت ايرادات الزكاة في العام الماضي 27 مليار ريال، بينما بلغ حجم القطاع الخاص 1.03 تريليون ريال أي ان الزكاة تمثل فقط 2.6% أو (0.026) منه، علما ان ايرادات الزكاة تشمل عروض التجارة وكذلك الضرائب على الشركات الاجنبية، هذا هو مستوى التحصيل في الاقتصاد الرسمي أما التحصيل في الاقتصاد غير الرسمي (الخفي) فهو (صفر) لعدم وجود نظام لمكافحة ظاهرة الاقتصاد الخفي ضمن مؤشرات قياس تحد منه. فقد بلغت نسبة الاقتصاد الخفي في السعودية من اجمالي الناتج المحلي الاسمي 20% في 2007، أي ما قيمته 312 مليار ريال، وإذا ما اخذنا بمتوسط هذه النسبه (19%) على مدى العشر السنوات الاخيرة لوجدنا ان حجم الاقتصاد الخفي في عام 2013 يتجاوز 522 مليار ريال ومازال مستمرا في نموه مع تعاظم حجم اجمالي الناتج المحلي. فلاحظ الفرق لو قمنا بإضافة قيمة الاقتصاد الخفي الى اقتصاد القطاع الخاص في 2013، سيرتفع اجمالي الناتج لهما الى اكثر من 1.5 تريليون ريال، مما يخفض نسبة الزكاة من 2.6% الى 1.7% أو (0.017) من الإجمالي، بينما نسبة الترابط (Correlation) بين ايرادات الزكاة في الست السنوات الماضية وإجمالي قيمة ناتج القطاع الخاص بلغت 92% وهذا رابط قوي، وإذا ما أجرينا الترابط بين ايرادات الزكاة وإجمالي الخاص والخفي فان النسبة تصل الى 98% أي بارتفاع قدره 6%، مما يعني ان ايرادات الزكاة من المفروض ان ترتفع بنسبه أكبر، حيث ان الفجوة بين نمو تحصيل الزكاة وإجمالي قيمة القطاع الخاص تتسع ولكنها أكثر اتساعا بعد اضافة الاقتصاد الخفي الى القطاع الخاص.