احتفلت الحارة بزفافه وزفافها.. وحيدة أبويها .. ويتيم الأب والأم يعمل بجد ونشاط وحيوية وإخلاص.. ينطلق صباح كل يوم في رحلة عمله الشاق ينتقل من مكان لآخر.. ( من عزلة لعزلة) ليرمم البيت. يعود إلى بيته مساء يغتسل ويبقى في منزله المتواضع في أحد أزقة جدة حتى صباح اليوم الثاني.. وجدت فيه محبة وحنانا يتفوق على أبويها .. ووجد فيها أما وأبا وأختا.. مرت الأيام مسرعة تركض نحو المجهول والحال كما هو.. كانت تصرف على البيت وتشتري لوازم الغذاء مع ذلك الصبي الصغير الذي يعمل عند والديها.. أما صاحبنا فقد كان يضع كل دخله عندها وهي تقتصد وتوفر وتجعل من بيتها حديقة غناء بالحب والعناية.. اجتمع في هذين الشابين (خلق واحد) من ما يطلق عليه .. الرومانسية.. كل منهما يعطي للآخر وامتلأ ذلك الفراغ من فقدان أبويه .. وامتلأ فيها الحنان من كل جوانبه كل يوم تجلس بين يديه.. تقول في أنوثة محبوبة عنده .. حكيني عن اليوم.. يحكي لها كل شيء وهي تنظر إليه في إعجاب وابتسامة تملأه بهجة ودمعة حب تتراقص على شمعة عينها فتجعل فيها لهيبا يصيب قلبه.. تلك حياة مرت وأيام مضت واستقبلا أول طفل لهما.. احتفلت كل الحارة بالمولود الجديد وأقيمت ليال من الفرح في بيت أبويها.. غابت عن بيتها 40 يوما لا تستطيع أن تراه ويراها إلا في وقت قصير جدا بعد أن يعود من عمله.. يذهب ويطمئن عليها ولا يرضى أن يقيم في بيت أبويها.. فقد كان ذلك عنده ومنه غير مقبول رغم رجاء العائلة أما وأبا وبنتا.. عادت إلى بيتها ومعها مولودها وعادت الابتسامة إلى البيت والفرحة للقلوب.. وكانت مفاجأة عودتها أن أخرجت صندوق التوفير ووضعت ما فيه أمامها.. قالت: هذا ما تم توفيره منذ أن تزوجنا.. وحكت له كيف كانت توفره .. جمعا الأوراق النقدية الصغيرة والمعدنية معا.. وأحصياها.. قال: ماذا نفعل بها .. قالت: لك الأمر.. واتفقا بعد التشاور أن يشتريا أسهما في شركات فقد كان ذلك مشهورا ومتداولا وهما لا يعرفان هذا.. واستشار البنك ووضع عنده المبلغ كله.. وكتبه باسم ابنه الصغير الرضيع.. ولم يكد يفرح بهذا الإنجاز حتى فوجىء بها تنقل له خبرا بأنها تحمل مرة أخرى قالت: باستحياء ( أنا حامل).. بعد اكتمال الأشهـر وعند ولادتها ماتت ومن في بطنها.. لم يستطع أن يبقى وحيدا فعاجله المرض ومات هو الآخر.. وبقي الصغير وحيدا ويتيما ومن هنا تبدأ القصة من جديد.. فاكس: 6514860