على غرار جماعات الجريمة المنظمة هناك، وفي منطقتنا تحديدا، ما يجب تسميته جماعات الشتيمة المنظمة، والتي تستهدف كل مختلف معها سياسيا وفكريا، وحتى رياضيا وفنيا. ففي منطقتنا، منطقة الفوضى، يستسهل التطاول، والتزوير، بحق الأفراد، بمجرد الاختلاف معهم، ولو على أسباب تافهة. في السياسة هناك مصطلح الاغتيال المعنوي، وهو ما يحاكي الاغتيال الجسدي، بمعنى القتل، لكن في منطقتنا بلغ الأمر حد تشكيل جماعات الشتيمة المنظمة، التي لا تختلف إطلاقا عن منظمات الاتجار بالبشر، أو المخدرات، والتي تسعى للاتجار بالممنوع والمحرم، للتكسب غير المشروع، إما لجمع الأموال، أو لتمويل الإرهاب. والأمر نفسه تفعله جماعات الشتيمة المنظمة بمنطقتنا؛ حيث تسعى لتحقيق أهدافها غير المشروعة دينيا، أو فكريا، أو سياسيا، من خلال ترهيب الخصوم، وتصفيتهم، أمام الرأي العام. حدث هذا، ويحدث، في القضية الفلسطينية، وازداد الأمر سوءا مع الانقسام، واستعانة حماس بإيران والأسد، في العقد الأخير، وكذلك التحالف مع «حزب الله». وفعلها «حزب الله» نفسه منذ انسحاب الإسرائيليين من جنوب لبنان، وحتى اليوم، لترهيب المطالبين باحترام مفهوم وسيادة الدولة، واستثمر الحزب كثيرا بجماعات الشتيمة المنظمة بعد اغتيال الراحل رفيق الحريري. وتحول الحزب لمرحلة خدمة الأجندة الإيرانية بشكل صارخ لترسيخ نفوذ طهران بالمنطقة. وازداد الأمر سوءا بالطبع بعد الثورة السورية، حيث استثمر الحزب أكثر في جماعات الشتيمة المنظمة لتصفية خصومه السياسيين، والإعلاميين، وهو ما فعله الحزب كثيرا، ومنذ مغامرة 2006 التي جلبت الحرب الإسرائيلية على لبنان. وفعلها، أي الاستثمار بجماعات الشتيمة المنظمة، الإخوان المسلمون، وطوال عقود، وليس فقط بالربيع العربي، حيث استطاع الإخوان تشويه سمعة ليس من يخالفهم، بل كل من يحاول طرح أسئلة جادة؛ فقد استثمر الإخوان بجماعات الشتيمة المنظمة منذ أن اجترحوا مصطلح «الإسلام هو الحل» بحيث أصبح كل من يخالفهم مخالفا للدين الإسلامي. وكذلك استثمر بشار الأسد بجماعات الشتيمة المنظمة منذ وصوله للحكم لترويج خدعة وكذبة الممانعة والمقاومة، والعروبة، ومحاربة إسرائيل، بينما نرى الآن أن الأسد لا يحارب ولا يقتل إلا السوريين! وبالطبع استثمر البعض في منطقتنا بجماعات الشتيمة المنظمة أيما استثمار، بل ساهموا بنقلها إلى آفاق غير مسبوقة حيث بات لجماعات الشتيمة المنظمة قنوات تلفزيونية، ومواقع إلكترونية، ووجود على وسائل التواصل الاجتماعي التي حولوها إلى وسائل تنابذ اجتماعية، ولا يزال هؤلاء «المبذرون سياسيا» يتفننون في استغلال جماعات الشتيمة المنظمة من خلال المؤتمرات، وخلافه، حيث ساعدوا في ترويج جل من عرفوا بالنشطاء، ليس بالمنطقة وحسب، بل وفي الغرب، ليقوموا بتشويه صورة المخالفين لهم، وتدمير سمعتهم، واليوم نرى بعض هؤلاء الناشطين يتدافعون متراجعين لاحتجاز مكان لهم بالمنطقة في مرحلة ما بعد الربيع العربي. وللأسف يحدث كل ذلك، وأهمه تزايد جماعات الشتيمة المنظمة، بسبب غياب القوانين، وتسطيح مفهوم هيبة الدولة، ووسط صمت إعلامي يحجم عن النقاش الجاد حول هذا الأمر، رغم أن الشواهد كثيرة، والضرر أكبر!