النسخة: الورقية - سعودي مقطع الفيديو المعبّر نوعاً ما «ارفع عينيك» أو لعله يقصد «افتح بصيرتك» عمل جميل، نشره و«غرّد» به الكثيرون، ومختصره أن رجلاً منكباً على هاتفه الذكي في الشارع فمرت امرأة بجواره في اللحظة التي رفع بصره عن جهازه، تحادثا، تعارفا، استلطفا، أحبا، عشقا «ربما»، تزوجا، وأنجبا وعاش الأخ في «تبات ونبات» مع «الصبيان والبنات». المقطع في النهاية يعيد اللقطة نفسها من دون أن يرفع رأسه، فتمرّ الحسناء من دون أن يشعر، وتضيع - من وجهة نظر الفيلم – فرصة العمر في إيجاد حب العمر، والزوجة الصالحة الودود الولود من وجهة نظرهم. يتحدث الرجل عن كيف أصبح الناس منكبة وجوههم على أجهزتهم فيفقدون أشياء كثيرة، لعلي هنا اسميها بتعبيري «حس الحياة الفعلي»، وهذا صحيح نسبياً، لكنه ليس صحيحاً على إطلاقه، فالأديبة الكاتبة أميمة الخميس ردّت على الملأ بأنها لن ترفع عينيها عما أتذكر أنها وصفته بعوالم المعرفة والدهشة، في إشارة إلى نوافذ الحوار والاتصال التي انفتحت. السعوديون في غالبهم أيضاً لن يرفعوا أعينهم، لأن الحسناء إذا مرّت بجوارهم، لن يحادثوها ويستلطفوها ويحبوها ليتزوجوها وينجبوا منها نصف «الدرزينة» المعتادة، لذلك ستبقى أعينهم متسمّرة على أجهزتهم، فربما وجدوا هناك من تعجبهم، وبعضهم ربما عشقها، وبعض أقل ربما تزوجها، وإذا لم يطلّقها في «الفترة التجريبية»، فسينجبون الذرية التي يعتمد صلاحها بعد أمر الله وإذنه على نوعية المدرسة القريبة من منزلهم. السعوديات أيضاً لن يرفعن أعينهن، فهنّ على الأقل وجدن «طخمان» ويعرفون كيف «يحكون» بأسلوب ساحر كما قال ذات «اعتراف» زميلنا في «الحياة» خالد الفاضلي، وهن استطعن أن يصلن بأصوات وصور ومنتجات فكرية، وسلع وخدمات إلى أبعد من حدود «بارتيشن» الأفكار عن البعض، و«بارتيشن» وزارة العمل مع هيئة الأمر بالمعروف. شخصياً امتثلت للأمر وللتجربة، خصوصاً أن أول بث رأيته للمقطع كان ممن أثق بعقله العلمي المعملي، وبت أنقطع تماماً وأحاول العيش طبيعياً، وأطرح السؤال: ما هو الطبيعي فعلاً هذه الأيام؟ أن ننكب تماماً على أجهزتنا، أم نتركها كل بضعة أيام ليوم أو يومين، أم نعيد صياغة علاقتنا بها، فنكتفي بحدود معيّنة، ونغرّد كل مساء على طريقة الدكتور عبدالله الغذامي «حدي الساعة ثمان». إنه التوازن والاتزان، إذا استطعت أن تأخذ طفلك أو صغيرتك إلى ساعات تجرد نفسك لهم فستعرف أن رفع عينيك مهم وضروري، إذا تجلى لك طيف حلم جميل، لحب أجمل، واسترجعت عفويتك وحميميتك مع بعض ذكرياتك، سترفع عينيك. إذا كنت فعلاً لا تستشعر أي شيء فلا ترفعها، بل «أنشب» لخلق الله وحقق شهرة لتقوم لاحقاً بالدعاية لمشروب طاقة لا يستطيع أن يعلق في الصعب، ثم تعطيني نسبتي في مقابل هذه الاستشارة، وتخصص جزءاً لطبيبَي العظام والعيون لعلاج أصابعك وضعف نظرك، ولاستشاري نفسي ليعيدك إلى الواقع، ويمكن اللجوء أيضاً لـ «ماما كريمة» لتحل بعض إشكالاتك العاطفية. mohamdalyami@