×
محافظة المنطقة الشرقية

الراجحي يعود من مصر بالمركز الأول في «رالي الفراعنة»

صورة الخبر

في مقالتي يوم الخميس الماضي بعنوان «ثمانون ملياراً للتعليم هل سترتقي بالفكر؟» طرحتُ مصطلح المعلم المربي بديلاً للمعلم الملقن؛ وذلك للسيطرة الذكية والمقصودة على السلوكيات المنفلتة للطلاب. أعني بذلك تربية الطلاب على تحمُّل المسؤولية وغرس حب الوطن في نفوسهم؛ وبالتالي المحافظة على الممتلكات الخاصة وكأنها من أملاكهم الخاصة؛ إذ ينظر الطالب للمدرسة وكأنها بيته، لكن كيف السبيل لتحقيق هذه الأمنية الغالية؟ يجب أن نعترف إذا أردنا فعلاً النهوض بالتعليم، وتربية الأجيال لتكون واعية ومبدعة وخلاقة، بأن الأساس في العملية التعليمية - وهو المعلم في مدارس البنين والمعلمة في مدارس البنات - في وضع لا يساعد كثيراً على تحقيق أماني وطموحات الدولة والمجتمع بتخريج أجيال تجمع بين الفكر والسلوك مهما صرفت الحكومة من أموال. أغلب المعلمين والمعلمات لا يربطهم بالمدرسة إلا توقيع الحضور وجدول الحصص، يدخل أحدهم الفصل، ويلقي الدرس على الطلاب وهو في عجالة من أمره، وأغلبيتهم - كي لا أعمم - يتعامل مع طلابه بنفسية سيئة، ويواجه أسئلتهم بالضجر والصراخ والكلمات البذيئة، وقد يعاقب طالباً فيخرجه من الفصل، وآخر يرسله للمدير، وثانياً للوكيل، وثالثاً للمرشد الطلابي. لا يحاول حل مشكلات الطلاب، ولا يجهد نفسه في محاولة التعرف على واقعهم. لا يهتم إن كان هذا يتيماً، وذاك ابن فقير، وتلك أمها مطلقة، وهذه تعاني من مشكلات صحية أو قسوة أسرية أو ظروف طارئة.. وما إن يدق الجرس إلا ويكون في مقدمة المغادرين للفصل؛ فقد نزل عليه الفرج من حيث لم يحتسب، يترك الصغار داخل الفصل يتعاركون ويحطمون، ويكتبون على الجدران، ويمزقون الكتب، ويذهب هو ليتصفح جواله، ويتواصل مع أصدقائه، ويفتش عن زملائه المتحلقين حول مائدة الفطور؛ ليبتلع بعض اللقيمات، ويستمتع بسماع آخر النكات، ثم يمضي يومه في انتظار ساعة الفكاك من المدرسة؛ ليخرج مختتماً يومه دون أن يضع لمسة تربوية، أو يعدل سلوكاً معوجاً. تلك النوعيات من المعلمين الملقنين لا يشد بهم الظهر في تخريج أجيال قيادية مثقفة واعية محبة لوطنها ومجتمعها وعاملة لتقدم بلادها وازدهارها. أعتقد أن وزارة التربية والتعليم تدفع ثمناً باهظاً حالياً؛ إذ على مدى السنوات الماضية فتحت الباب لنوعية لا تصلح لمجال التربية والتعليم، وبعضهم بتخصصات بعيدة كل البعد عن هذا المجال، وفاقد الشيء - كما يقولون - لا يعطيه. كيف يرشد ويوجه ويصحح ويعدل المسارات المائلة وهو لا يملك الأدوات التي تعينه على فهم تربوي وقدرات متفردة في فهم نفسيات الطلاب والطالبات ومعالجة المشكلات ومساعدتهم على التكيف المريح في البيئة المدرسية؟ نوعية المعلم المربي غابت فتاهت الأجيال. المعلم الذي يغرس حب المدرسة وتقدير العلم، وينشر ثقافة الفرح والطموح والتفاؤل، لا ثقافة الحزن والموت والتشاؤم والتحريض، أو السلبية التي تحول الطالب إلى فرد غير منتج، وقد يحول لأداة تستخدم ضد وطنه؛ إذ تندس بين المعلمين عينة المربين المغشوشين الذين يدسون السم في العسل، ويشربون طلابهم ثقافة التكفير والتصنيف والقتل والتخريب والتدمير! وزارة التربية والتعليم مطالبة بمراجعة معايير المعلمين للإبقاء فقط على المعلم المربي. معلم يربي طلابه على الفضائل والاحترام والتقدير والانضباط والحرص على التعليم، وكيفية التعامل مع معطيات العصر الحالي بإيجابية، وكيفية التواصل الفعال مع الآخرين.