من بداية الانتفاضة في 2010م التي سميت بالربيع العربي تأمل الكثيرون خيراً لأن مصر- التي شملها الركب - أم ثمانين مليوناً من البشر بتاريخها وتجاربها العريقة لابد لها أن تنجح وتقود الطريق إلى تغيير حقيقي نحو الديمقراطية في العالم العربي بعد أن تجاوز شعبها عقدة الخوف وأحدث ثورة سلمية أبهرت العالم. ومن منظور متفائل جدا أيضاً لان الانتخابات رجحت كفة الأحزاب الإسلامية على غيرها وبذلك تبدد الشبح السائد في بعض الأوساط العالمية بأن الإسلام يتعارض مع الديمقراطية. والتجربة أيا كانت معرضة للنجاح والفشل بمقادير مختلفة تتحكم فيها العوامل الداخلية والخارجية وهذا ما حصل في مصر التي تمر بمرحلة حرجة زاد من تعقيداتها تراكمات المرحلة السابقة التي ورثتها عن النظام الذي أطيح به. والشعوب عندما تتحكم فيها العواطف ويسيطر عليها التجييش المنظم تنجرف في بعض الحالات إلى صراعات بين الانتماءات وذلك لا يقلل من حجم الخسائر أو مشروعية المطالب بل انه يزيد الأمور تعقيداً وقد يدخل المجتمع في دوامة الثأر والانتقام وفي أحسن الحالات المعاملة بالمثل. وعلى سبيل المثال من يرفض التعاون لمصلحة الوطن اليوم لأنه غير راضٍ عن الحاكم وغير مستعد للتعاون من أجل المصلحة العامة حتى تنتهي ولاية الرئيس ويأتي بغيره من خلال العملية الديموقراطية قد يجابه بنفس المشكلة في الغد عندما يتسلم السلطة. وأطروحة الأحزاب المعارضة في مصر حاليا -كما يبدو- مفادها إيقاف نفوذ الإخوان المسلمين قبل أن يتمكنوا من تعميق قبضتهم على مواقع النفوذ في الدولة وهذا ما تسعى إليه معظم الأحزاب المعارضة في الدول الديموقراطية إلا إن الغرض يركز على تصويب الإخفاقات وليس بالضرورة من خلال الإطاحة بالرئيس أو الحكومة لأن الفشل يدفع ثمنه كل أفراد الشعب سواء كان ذلك من خلال الضرائب أو تدني مستوى الخدمات. وحساسية المجتمعات الديموقرطية من تدخلات الجيوش في السياسة تلقي بظلالها مجدداً على المسرح المصري وهذا ما سيثير مراكز الأبحاث في الغرب التي تراقب التطورات وترصد التوجهات لتخضعها لتحاليل مخبرية تستشرف من نتائجها ما سيحدث في أماكن أخرى من العالم العربي في المستقبل. والاجابة على السؤال الوارد في عنوان المقال لن تكون سهلة في هذه المرحلة حيث بالإمكان اعتبارها عملية تصحيح مسار ضل الطريق.. وفي المقابل قد يرى البعض أنها ستشكل نكسة للتجربة الديمقراطية في أكبر بلد عربي من حيث السكان وأهمية موقعه الاستراتيجي في المعادلة العربية والإسلامية بصفة عامة. salfarha@yahoo.com للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (23) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain