لندن: مصطفى سري - الخرطوم: أحمد يونس تشهد منطقة جودة الحدودية بين دولتي السودان وجنوب السودان توترا أمنيا عقب مغادرة لجنة الاتحاد الأفريقي الخاصة بترسيم الحدود وتحديد المنطقة الصفرية للمنطقة، حيث تبادلت الدولتان الاتهامات بحشد قوات كل طرف داخل حدود الأخرى. وحذر مسؤول جنوبي من اندلاع أي معركة في المنطقة بين ولايتي النيل الأبيض الشمالية وأعالي النيل الجنوبية، التي قال: إنها مكتظة بالسكان وخدمات معالجة نفط بلاده، في وقت اتهم فيه المؤتمر الوطني (الحاكم في الخرطوم) جوبا بعرقلة خلق المنطقة العازلة، معتبرا أن ذلك يشكل خرقا لتنفيذ اتفاق التعاون بين البلدين. وقال نائب دائرة الرنك في برلمان جنوب السودان دينق قوج لـ«الشرق الأوسط» إن القوات المسلحة السودانية اخترقت حدود بلاده بدخول قوات قوامها 6 دبابات وناقلتا جنود وسيارات محملة بالمدافع، وأضاف أن قوة الجيش السوداني دخلت إلى بلاده وأصبحت على بعد مسافة 45 مترا فقط من قوات شرطة الجمارك الموجودة. وقال قوج إن «القوة غير متكافئة، والجيش الشعبي كان قد انسحب منها في إطار ترسيم الحدود وخلق المنطقة الصفرية بنحو 10 كيلومترات إلى داخل جنوب السودان»، محذرا من انطلاق أي رصاصة يمكن أن تشعل الحرب بين البلدين بصورة شاملة. وتابع أن «المنطقة الحدودية التي يطلق عليها السودان الفخار مكتظة بالسكان من الدولتين، وإذا أطلقت رصاصة واحدة من الجانب السوداني ستشتعل حرب كبيرة بين البلدين»، مشيرا إلى أن أكثر من ألفي مواطن جنوبي كانوا في طريق عودتهم إلى بلادهم أصبحوا عالقين بعد أن أغلق الجيش السوداني الطريق وطوق المنطقة كلها، وأضاف: «تفاجأنا بحشود القوات السودانية التي منعت حركة المواطنين وأغلقت السوق في مدينة جودة». وطالب قوج لجنة الاتحاد الأفريقي بأن تعود إلى منطقة جودة سريعا، والتي زارتها قبل أسبوع ووقفت على ترسيم الحدود والمنطقة الصفرية ووجود قوات البلدين. وقال: إنه «من المحتمل بصورة كبيرة أن تنشب معارك بين البلدين، خاصة أن المسافة بينهما 45 مترا.. وإذا انطلقت رصاصة لن يتمكن أي من البلدين من السيطرة على الأوضاع». وتوقع قوج أن تقوم القوات السودانية بـ«عمل استفزازي» لجر جنوب السودان إلى الحرب، وتابع أن «هذه الحرب إذا اشتعلت هذه المرة في حدود أعالي النيل فإنها ستختلف عن التي اشتعلت في منطقة هجليج في أبريل (نيسان) العام الماضي، وسيصبح نطاقها أوسع»، معتبرا أن الإجراءات المحلية التي اتخذتها إدارة المنطقة بدفع رسوم السيارات وغيرها حق سيادي لأنها تقع داخل حدود بلاده. وقال: إن الخلاف بين البلدين كان يتمثل في 800 متر من الموقع الحالي من النقطة الصفرية، وأضاف أن لجنة الاتحاد الأفريقي جاءت بزيادة لم تطالب بها دولة السودان، وأن الخط الفاصل أصبح 40 مترا بين البلدين. ولم يتسن الحصول على رد فوري من مسؤول في الجيش السوداني للتعليق على اتهامات جنوب السودان. من جانبه أعلن نائب البرلمان عن دائرة الجبلين في برلمان السودان موسى فضل الله عن دخول 100 جندي يتبعون جيش جنوب السودان إلى منطقة الفخار الحدودية مع جنوب السودان، وتسميها دولة الجنوب ببلدة «انطاو». وقال: إن قوة الجيش الشعبي طوقت المنطقة لكنها لم تطلق النار، وإن القوة أخطرت المواطنين قبل يومين بتبعية المنطقة لجنوب السودان، وعليهم دفع رسوم هجرة. وأضاف أن قوة الجيش الشعبي سبق لها أن أخطرت مواطني المنطقة قبل يومين بتغيير لوحات السيارات بالمنطقة بلوحات سيارات تتبع لدولة الجنوب، إلى جانب استخراج رسوم شهادات الهجرة وأغلقت المدارس وتم استئجار أراضي مشروع جودة الزراعي. مشيرا إلى أن المواطنين رفضوا تلك المطالب، وكشف عن زيارة لجنة من الاتحاد الأفريقي للمنطقة المعنية، قامت برسم الحدود بحضور ممثل دولة الجنوب وممثل حكومة السودان بما يبعد نحو 3700 متر عن تلك المنطقة. وأضاف أن كافة الجهات المعنية، بما فيها حكومة الولاية، على علم تام بما يدور في جودة الحدودية من قِبل الجيش الشعبي. من جهته قال المتحدث باسم حزب المؤتمر الوطني الحاكم في السودان، ياسر يوسف، في تصريحات نقلتها وكالة السودان الرسمية للأنباء إن حكومة بلاده منزعجة لعدم تمكين الجهات المعنية بقضية ترسيم الحدود وبناء المنطقة العازلة من مزاولة نشاطها، وأضاف: «إذا كان المنع من جهات وسلطات محلية؛ فيجب على حكومة الجنوب إجراء اللازم من أجل بناء الخط العازل واستثمار الوقت في تنفيذ الاتفاقات». وفي سياق ذي صلة، تبادل الجيش السوداني ومقاتلي «الجبهة الثورية» المزاعم بتدمير كل منها لقوات الآخر في منطقة «أشمبو» بمحلية قيسان في ولاية النيل الأزرق المضطربة. وقال الجيش السوداني إنه حرر القرية المذكورة من أيدي مجموعة متمردة تابعة لـ«الحركة الشعبية» - الشمال بعد أن دخلتها وأحرقت سوقها ونهبت أموال وممتلكات المواطنين، وحسبما ذكر المتحدث باسم الجيش السوداني العقيد الصوارمي خالد سعد في تصريحات، فإن القوات المتمردة ولت الأدبار. بينما ذكرت «الجبهة الثورية» في بيان موقع باسم الناطق باسمها أرنو نقولتو لودي، حصلت عليه «الشرق الأوسط»، أنها قتلت 21 من أفراد الجيش السوداني، وأنها استولت على كميات كبيرة من العتاد والآليات. من جانبه، سخر المتحدث باسم الحزب، ياسر يوسف، في تصريحات صحافية من تصريحات رئيس اللجنة الإشرافية لـ«أبيي» من جانب جنوب السودان بشأن إجراء استفتاء المنطقة في أكتوبر (تشرين الأول) المقبل، ووصفها بأنها لـ«الاستهلاك السياسي وحوار طرشان، وأن الاستفتاء قضية للطرفين ولا يستطيع أحد الطرفين إقامتها دون الآخر». إلى ذلك، أعلن رسميا في العاصمة السودانية الخرطوم، بدء مشاورات بين الرئيس السوداني عمر البشير، والزعيم المعارض الصادق المهدي تنطلق اليوم. وقال مقرر لجنة الحوار مع حزب الأمة القومي والقيادي بالحزب الحاكم مصطفى عثمان إسماعيل في تصريحات صحافية أمس، إن «بيت المهدي» في أم درمان سيشهد اللقاء الذي كان مقررا عقده منذ الأسبوع الماضي، وتأجل بسبب مشاركة البشير في ذكرى رحيل الرئيس الإثيوبي ميلس زناوي بإثيوبيا.