نواكشوط: الشيخ محمد شهدت مدينة كيدال، شمال شرقي مالي، صباح أمس الأربعاء تبادلا لإطلاق النار بين جنود ماليين ومجموعات مسلحة، بينهم متمردون من حركة الطوارق، بحسب مصدر عسكري تابع للأمم المتحدة. وبعد أربعة أيام من نشوب معارك دامية في المدينة، تحدثت مصادر عن مواجهات جديدة بدأت قبيل ظهر أمس. وقال ضابط في جيش مالي، متحدث باسم الأمم المتحدة، إنه سمع إطلاق نيران أسلحة آلية وثقيلة أمس الأربعاء في بلدة كيدال، معقل المتمردين بشمال البلاد، حيث يعزز الجيش مواقعه قبل هجوم متوقع لاستعادة السيطرة على البلدة. وأكد متحدثان باسم وزارة الدفاع في مالي وبعثة حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة أن القتال بدأ مجددا، لكنهما امتنعا عن ذكر تفاصيل أخرى. واستؤنف القتال بين قوات جيش مالي ومتمردي الطوارق الانفصاليين في مدينة كيدال الشمالية، بحسب ما ذكرته بعثة الأمم المتحدة في مالي، أمس الأربعاء، في الوقت الذي أخفقت فيه جهود الوساطة التي تقوم بها بين الجانبين. من جهته، قال متحدث باسم جماعة «الحركة الوطنية المتمردة لتحرير أزواد» إن القتال اندلع بين جيش مالي والانفصاليين الطوارق صباح أمس. وأضاف أحد سكان مدينة كيدال لوكالة الأنباء الألمانية «لقد بدأت العمليات بصوت انفجارات عالية. لم أكن متأكدا مما إذا كانت قد أصابت شيئا أم لا. لقد أصبنا بالفزع، واستولى علينا الخوف لعدة أيام، ونحن نكتفي بالبقاء في منازلنا». على صعيد متصل، قال متحدث باسم الجيش الفرنسي، أمس الأربعاء لوكالة الأنباء الفرنسية، إن فرنسا سترسل 100 جندي إضافي إلى مالي بعد تفجر أعمال عنف هذا الأسبوع في شمال البلاد بين قوات حكومية وانفصاليين طوارق. وقال المتحدث جيل جارون للصحافيين «اتخذ القرار لجلب قوات من أبيدجان إلى جاو بسبب فترة التوتر الحالي»، مضيفا أنه يجري إرسال نحو 100 جندي، مما يرفع قوام القوة الفرنسية إلى 1700 جندي في المستعمرة الفرنسية السابقة. وكان الرئيس المالي إبراهيما بوبكر كيتا قد تعهد بمعاقبة الحركات المسلحة التي هاجمت الجيش الحكومي في مدينة كيدال، أقصى شمال شرقي مالي، وقال إن هذه الحركات مسؤولة عن الاضطرابات التي شهدتها كيدال، لكنه في الوقت نفسه أكد التزام مالي بالحوار مع الحركات المسلحة تماشيا مع رغبة المجموعة الدولية. كيتا، الذي كان يتحدث في خطاب موجه إلى الشعب المالي مساء أول من أمس عبر التلفزيون الرسمي، ندد بما قال إنها «الجرائم الشنيعة التي ارتكبت في كيدال والتي أسفرت عن مقتل ثلاثين شخصا»، وأكد عزمه على متابعة المتورطين في الأحداث أمام القضاء. ووصف كيتا الهجوم الذي تعرض له الجيش المالي في مدينة كيدال بأنه «إعلان للحرب على دولة مالي»، مؤكدا أن بلاده لن تقف مكتوفة الأيدي أمام تهديدات المتمردين، مشيرا إلى أن «مالي لن تتخلى عن التزاماتها بالنسبة للحوار مع الحركات المسلحة»، على حد قوله. واتهم كيتا الحركات المسلحة التي تطالب بانفصال الشمال، بالارتباط مع «الإرهاب الدولي، خاصة تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي وجماعة أنصار الدين»، وقال إن تلك الروابط ظهرت بقوة خلال الهجوم الذي شنه الانفصاليون على الجيش خلال الأيام الماضية، مشيرا إلى ما سماه «الأسلوب العملياتي للمهاجمين الذين قاموا بخطف رهائن، وبعمليات قتل جماعية»، على حد تعبيره. إلى ذلك، تعيش مدينة كيدال حالة من الترقب، بعد دفع الجيش المالي بتعزيزات عسكرية من 1500 جندي، من ضمنهم وحدات دربها مؤطرون أوروبيون متخصصون في مكافحة الإرهاب. ويخطط الجيش لشن هجوم كاسح على المدينة بعد مقتل ثمانية من جنوده السبت الماضي على يد متمردين، في ظل مساع أممية لتهدئة الوضع. من جهة أخرى، أفلحت جهود بعثة حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة، مساء أول أمس، في الإفراج عن 32 شخصا كانوا محتجزين لدى المتمردين منذ السبت الماضي، من ضمنهم جنود وضباط وموظفون، كانوا موجودين في مكتب للحاكم الإقليمي في كيدال، إبان الهجوم. وقال قيادي في الحركات المسلحة في اتصال مع «الشرق الأوسط» من كيدال إن الإفراج عن المحتجزين «جاء كبادرة حسن نية من طرف الحركات المسلحة تجاه المجتمع الدولي والأمم المتحدة التي قادت الوساطة». على الصعيد الدولي، توالت الدعوات لضرورة العودة إلى الهدوء والتزام ضبط النفس لدى الطرفين، حيث عبر المغرب عن استنكاره لما شهدته مدينة كيدال من أعمال عنف خلفت العديد من القتلى والجرحى. وجاء في بيان صادر عن وزارة الشؤون الخارجية والتعاون أن «المملكة تتابع بقلق شديد وانشغال حقيقي التدهور الخطير للوضع السياسي والأمني بشمال مالي»، قبل أن يدعو «كل الأطراف إلى التحلي بضبط النفس والامتناع عن أي عمل يصعد التوتر والانقسامات، ويعوق مسلسل المصالحة الوطنية». من جهتها، أطلقت المنظمة الدولية للفرنكفونية، على لسان أمينها العام والرئيس السنغالي الأسبق عبدو ضيوف، نداء من أجل عودة الهدوء إلى شمال مالي. وأعربت المنظمة الدولية عن «قلقها العميق» حيال تدهور الوضع الأمني بمدينة كيدال، و«استنكارها» لما جرى من أعمال عنف، مشيرة إلى أن «الحل السلمي فقط هو الذي يكفل تحقيق الاستقرار في المنطقة وتعزيز وحدة البلاد».