مشهد تمزيق الكتب ورميها في الشارع ليس جديدا على مدارسنا، فمن هو قريب من البيئة التعليمية، يعرف جيدا أن هذا المشهد يقترب من المألوف، ويتكرر مع كل نهاية عام، والجديد فيه هذه المرة أن التفاعل كان أكبر وأوسع، ووُثق بكاميرا، وبُث على يوتيوب. وحين تتأمل المشهد جيدا، قد يبدو لك أنه أمر طبيعي، فالطفل اعتاد على رمي دميته حين ينتهي من اللعب بها أو معها، والكتاب لن يكون أكثر حظا من الدمية، وجاء التمزيق ليعبر عن حالة استياء نفسي ممزوج بفرح الخلاص من المدرسة. الصدمة التي صاحبت مقطع الفيديو مبالغ فيها بدرجة كبيرة، فكلنا مزقنا كتب المدرسة، ورمينا الدفاتر، وأحرقنا القصاصات في مرحلة من عمرنا الدراسي، لكننا نرفض إلا أن نقابل أي مشهد لا يعجبنا بالاستياء، وننسى أننا فعلناه ذات شقاوة طفولية. في ظني أن الطفل غير مسؤول عن هذا السلوك، أو لنقل السبب الذي جعله يمارس هذا السلوك ولا حتى البيت، والمسؤول الأول والأخير، المدرسة أو لنقل النظام، فالنظام الذي يعطي الطفل الصغير الحق في تدبر وإدارة عدد كبير من الكتب المنهجية يتوقع أن تكون هذه نهايته. في بريطانيا مثلا، لا يتسلم الطالب أية كتب حتى في المرحلة الثانوية، ويحصل فقط على دفاتر كتابة، والكتب تبقى داخل المدرسة في الفصول التي يديرها المعلمون والمعلمات، ويبدو أن هذا الأمر يصعب تطبيقه لدينا، فالمعلم مازال هو الذي من المفترض أن يذهب إلى الطالب وليس العكس. ويبقى الحل الوحيد لهذه الإشكالية في فرض رسوم رمزية على الكتب؛ ليستشعر أولا ولي أمر الطالب بأهمية الكتاب، ويزرع في ابنه سلوك المحافظة عليه، وليتم تحفيز الطالب بإرجاع المبلغ المدفوع له مع نهاية كل عام كمكافأة نجاح أو ما شابه ذلك، ومن لا يستطيع أن يدفع من الطلاب لفقره أو غير ذلك، تدفع عنه إدارة المدرسة، وتطالبه بإرجاع الكتب في نهاية العام، وتتعامل معه بالدرجات.