×
محافظة المنطقة الشرقية

تغريدات المقاطي تصقل الإعلامي قبل الفارس

صورة الخبر

لا يمكن تجاهل الدور الخطير الذي يلعبه تنظيم القاعدة في اليمن حالياً، والذي يعد الفرع الأكثر تنظيماً وقدرة على التحرك من بين فروع القاعدة كلها، وضربه لأماكن شديدة الحراسة والمراقبة يؤكد على ذلك، ومن وجهة نظري أعده التنظيم الذي سيكون مستقبلاً البديل لذلك الذي نشأ وتمركز في أفغانستان وباكستان، حتى وإن دانت قيادته بالولاء المطلق للقيادات العتيقة للتنظيم في أفغانستان في الوقت الراهن. ما يحدث في المشهد اليمني يؤكد أن تنظيم القاعدة يسير وفق استراتيجية رسمت بدهاء، فقد كانت اليمن على الدوام النقطة التالية في الخطة، التي ترغب قيادة التنظيم المركزية في نقل حركتها إليها كحركة استراتيجية ثانية مدروسة، وذلك لقرب الموقع من أماكن الملاحة العالمية المطلة على كل من مضيق باب المندب وبحر العرب، والمحيط الهندي، وكذلك للتشابه الكبير بين الطبيعتين الجغرافيتين الأفغانية واليمنية من حيث وعورة التضاريس، وتقارب بنية النسيج الاجتماعي القبلي، وهي البيئة التي طالما ناسبت حركة وطريقة تنظيم القاعدة وخططه. ويُعد تشكل التنظيم في اليمن جزءاً رئيساً من استراتيجيتها العسكرية وعقيدتها الفكرية، إذ تسعى إلى تكوين الجيش الثاني لها على الأرض، والأول على تراب شبه جزيرة العرب، ومن الواضح أن الاستراتيجية تعتمد سياسة تأسيس أربعة إلى خمسة جيوش في أركان منطقة الشرق الأوسط لما يُسمى "حدود دولة الخلافة الإسلامية الكبرى"، متوزعة على كل من أفغانستان شرقاً والعراق والشام شمالاً واليمن جنوباً وبلاد المغرب العربي غرباً، ليتم تحريكها لاحقاً باتجاه أهدافها حسب ما تراه قياداتها. والواضح أيضاً أن العمل على تقوية التنظيم في اليمن هدف رئيس بامتياز، فاليمن بوضعه السياسي المرتبك وحالته الاقتصادية المتردية حالياً، بات مشجعاً ومحرضاً على زيادة حجم وقدرات التنظيم، في ظل حرية حركة أفراده سعياً لتكوين نواة الجيش الجنوبي الكبير في المستقبل، ليكون الذراع العسكري الأكثر ملائمة وقدرة على غزو واختراق عمق شبه الجزيرة العربية دون استثناء، ويسند تلك التحركات جناح إعلامي يظهر مهارات جيدة قادرة على صناعة تسجيلات وإصدارات "الميديا الفيديوية"، التي يطلقونها على الشبكة العنكبوتية بين الفينة والأخرى، والمطبوعات الورقية كدوريتهم المعتمدة "مجلة صدى الملاحم"، تدل على القدرات المتمكنة من عملها وتنظيمها، ولكن على الرغم من ذلك إلا أن تنظيم القاعدة حالياً يبدو وحيداً بدون تحالفات ظاهرة أو معلنة مع أي من الأطراف المتنازعة على الساحة اليمنية؛ لأن كل تلك الأطراف تدرك تماماً خطورة ذلك على مستقبلها السياسي في الداخل والخارج، وإن تطايرت الأقاويل عن تحالفات من تحت الطاولة مع أطراف لها مآربها السياسية. والمشكلة الحقيقية التي تخنق اليمن وترعب حلفاءه، تتمثل في تمركز هذا التنظيم في مواقع الطاقة الحيوية لليمن، وهو ما يضرب الاقتصاد اليمني في خاصرته بقوة ويعقد المواجهة التي يشنها الجيش اليمني حالياً بدعم أميركي وأممي، وأظن أن قرار الأمم المتحدة القاضي بوضع اليمن تحت الفصل السابع، لم يكن موجهاً في الأساس للجهات المعرقلة لسير العملية الانتقالية في اليمن فقط، بقدر ما كان تحذيراً شديد اللهجة لقطع الطريق على كل من يفكر في مجرد التعاطف مع التنظيم، في محاولة لجعله يعيش في عزلة شبه كاملة، وليفتح الباب واسعاً للتدخل الأميركي - بطريقة ما - للقضاء على تلك المجاميع الإرهابية ربما. اللوحة الحالية تُظهر تنظيم القاعدة في اليمن كقوة ناشئة لا يستهان بها، ويجعل منها أخطر فروع التنظيم وأكثرها تهديداً على الإطلاق، وما لم تتحرك كل الدول لدعم الحرب على القاعدة في اليمن، فإن هذه المجاميع ستتحول لبعبع يقض المضاجع، خاصة إذا ما فشلت القوات اليمنية - ضعيفة التجهيزات - في التصدي لمقاتلي التنظيم لا قدر الله.