حث ملتقى المسؤولية الاجتماعية، الذي نظمته الغرفة التجارية الصناعية بالمدينة المنورة أخيرا، على تعزيز التزام الشركات بمختلف أنشطتها الاقتصادية بالممارسات الصحيحة تجاه البيئة والحفاظ على حق الأجيال القادمة في الموارد الطبيعية، والسعي لإيجاد تشريع أو نظام يلزم الشركات الكبيرة بتطبيق ما يعرف بالاحتضان المؤسسي لشباب الخريجين ورواد الأعمال لدعم مسار التوطين وتعديل نظام الشركات، بإضافة نص يحدد نسبة مشاركة كل شركة في برامج المسؤولية الاجتماعية. وأوصى الملتقى بإعداد دراسة معمقة عن المسؤولية الاجتماعية بالمنطقة يكون هدفها التعرف على الاحتياجات الفعلية للمجتمع المحلي، وإعداد قواعد بيانات بها واقتراح البرامج المناسبة والفعالة للإيفاء بهذه الاحتياجات، يتم إعدادها بمشاركة كل الجهات المعنية بالمنطقة. كما نوه بإيجاد مرصد للمسؤولية الاجتماعية يضع مؤشرات لقياس أداء برامج المسؤولية الاجتماعية والعمل الخيري، وتبني جائزة تمنح للشركة أو المؤسسة أو الجهة الأكثر تطبيقاً لبرامج المسؤولية الاجتماعية الأكثر فاعلية والأعمق أثراً في التنمية الاجتماعية للمدينة المنورة، وضرورة تضمين المناهج التعليمية، وبرامج تعمل على ترسيخ ثقافة المسؤولية الاجتماعية، إلى جانب إنشاء كرسي خاص في جامعتي طيبة وجامعة الأمير مقرن لإجراء الدراسات والبحوث اللازمة لتطوير الممارسات المثلى في مجال المسؤولية الاجتماعية، وإعداد دراسات علمية موجهة نحو تقديم مخرجات نظام الخدمة المجتمعية وكيفية تطويع العمل المؤسسي لغاياتها. وكانت أعمال اليوم الثاني والأخير من الملتقى قد شهدت عقد جلسة صباحية، ترأسها على عواري، الأمين العام للغرفة التجارية الصناعية بالمدينة المنورة، تناولت في مجمل أوراقها طبيعة مشاريع المسؤولية الاجتماعية لدى الشركات، حيث شخص الدكتور محمد مصطفى محمود المستشار التنفيذي في شركة نماء المنورة، أهم الأسباب التي تدفع الشركات إلى اتباع ممارسات أنشطة المسؤولية الاجتماعية، مشيراً إلى أن الحوكمة في مجملها مجموعة من القوانين والنظم والقرارات التي تضمن استمرارية المؤسسة في المدى البعيد، لافتا إلى أن الهدف من الحوكمة هو إدارة العمل في المؤسسات بما يحقق الشفافية والعدالة وتنمية الاستثمار وتعظيم الربحية وزيادة فرص العمل. واستعرض أيمن سمارن، عضو مجلس إدارة الغرفة التجارية الصناعية بالمدينة المنورة، أهم مشاريع المسؤولية الاجتماعية في المشاريع الصناعية، وذكر في هذا الخصوص أن تنمية الأفراد ومحاربة البطالة وتحسين بيئة العمل والتدريب، من أهم المجالات التي يمكن للشركات والمؤسسات الصناعية تحقيق المسؤولية الاجتماعية فيها، مؤكدا أن تشجيع الشباب لإنشاء مشاريع خاصة بهم، جزء مهم من عمل المسؤولية الاجتماعية للشركات. وتطرق سمارن إلى المشكلات التي يعاني منها الشباب الباحث عن العمل في القطاع الخاص من ناحية الاستقرار الوظيفي واستمراريته من حيث الترقية والحوافز، منبها إلى ضرورة معالجة هذه المشكلات لاجتذاب المزيد من الكوادر الوطنية في شركات ومؤسسات القطاع الخاص باعتباره من صميم المسؤولية الاجتماعية. وتناول الدكتور بكر هراس، استاذ العمارة والتخطيط بجامعة طيبة سابقا في ورقته، المسؤولية الاجتماعية في مجال العقار، مشيرا إلى أن المسؤولية الاجتماعية في قطاع العقارات تعتمد بالدرجة الأولى على مدى التصالح مع البيئة والحفاظ على الصحة والجمال ومدى ملاءمته للحاجة، كاشفاً أن غياب المسؤولية الاجتماعية في المجال العقاري أظهر الفجوة العميقة للعقارات بانفصال قاطني المباني عن صناعة البناء بما نتج عنه تشييد مباني تبلى قبل الأوان، وضياع كمية ضخمة من الموارد. وناقشت جلسة أخرى ترأسها الدكتور نجيب الزامل عضو مجلس الشورى، "طبيعة مشاريع المسؤولية الاجتماعية"، وتحدث الدكتور عبد الله صادق دحلان رئيس مجلس الأمناء بجامعة الأمناء الأهلية بجدة عن أهمية وضع استخلاص نسبة من أرباح الشركات لضمان استدامة المسؤولية الاجتماعية، مشددا على أهمية وضع تقنين وتنظيم لتلك المسؤولية الاجتماعية لضمان الانتقال السلس لمفاهيم المسؤولية الاجتماعية وتنزيلها على مجالس المناطق، ما يعزز فهمها، مقترحاً أن تسن قوانين تلزم شركات قطاعات الأعمال باستقطاع جزء من أرباحها لبرامج المسؤولية الاجتماعية، مضيفا أن المسؤولية الاجتماعية ليست صدقة تجبى للمحتاجين والفقراء، وإنما مفهوم وثقافة وعمل مؤسساتي يحتاج إلى تقنين وتنظيم. ولفت علي الغامدي مدير عام الشؤون الاجتماعية بالمدينة المنورة، إلى أن الفجوة ما تزال كبيرة، رغم مساهمة عدد من الشركات والقطاع الخاص في مجال المسؤولية الاجتماعية، متناولا أهمية التعاضد والتكاتف بين القطاعين العام والخاص في إيجاد دور للمسؤولية الاجتماعية للشركات والمؤسسات لمجتمع المدينة المنورة. وركز بدر الراجحي رئيس لجنة الأوقاف بالغرفة التجارية الصناعية بالرياض، حديثه حول الرؤية المستقبلية في التكامل بين الوقف الخيري والمسؤولية الاجتماعية، مفيداً بأن هناك العديد من المعوقات التي تحول دون توسع نشاط المسؤولية الاجتماعية، مثل غياب ثقافة المسؤولية الاجتماعية، وغياب البرامج والبيئة المحفزة، وغياب الأنظمة والقوانين التي تنظم المسؤولية الاجتماعية.