×
محافظة المنطقة الشرقية

تطوير عدد من برامج الدراسات العليا بجامعة البترول والمعادن

صورة الخبر

فكرة التاريخ الوطني تحتاج إلى التوسع في أمرين: الأول الإلمام المتمكن بمفاصل التاريخ السعودي منذ القرن الثاني عشر الهجري/ الثامن عشر الميلادي. والأمر الآخر كيفية انتخاب صفحات من آلاف الصفحات لتُشكل مقررًا للتاريخ الوطني ودوره في تشكيل الوعي المعرفي والعقلي قبل أسبوعين أقام كرسي معالي الشيخ عبدالعزيز بن عبدالمحسن التويجري في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية ندوة علمية بعنوان: كتابة التاريخ الوطني: الفكرة والرؤية والتطبيق. وهي أول ندوة من نوعها تُقام في الجامعات السعودية. واختيار موضوع الندوة جاء من أمرين: الأول من اهتمام صاحب الكرسي الشيخ عبدالعزيز التويجري رحمه الله بالتاريخ الوطني، ومركزية التاريخ الوطني في تشكيل الهوية الوطنية. وهو موضوع شغل مساحة ليست بالقصيرة في فكر الشيخ التويجري وإنتاجه التاريخي والأدبي. الأمر الآخر أن موضوع هذه الندوة يصب مباشرة في قضية علمية دار ويدور حولها جدل كبير في أوساط الجامعات السعودية، ويعود ذلك الجدل والنقاش إلى توجيه من مقام وزارة التعليم العالي ينص على دراسة إمكانية تقديم مقرر إجباري في كل الأقسام الأكاديمية باسم: مقرر التاريخ الوطني. لهذا كله فقد دعت رئاسة الكرسي بعض المختصين في التاريخ لحضور الندوة العلمية، التي أشبه ما تكون بجلسة العصف الذهني، من أجل الغوص في معنى التاريخ الوطني. وحتى يكون الحديث ذا حدود واضحة ومنهج محكم فقد اُقترح ثلاثة محاور لتكون مدار الحديث والنقاش من أجل الوصول إلى رأي سديد في الموضوع قيد الدرس. وهذه المحاور هي: فكرة التاريخ الوطني من حيث النشأة والموضوع. ورؤية هذا التاريخ أين يأخذنا وما هي منطلقاته الفكرية والمعرفية. وأخيرًا كيفية تطبيق التاريخ الوطني على أرض الواقع، من حيث التأليف فيه وأسلوب تقديمه لناشئتنا، ومن ثم إمكانية تدريسه كمقرر اجباري في جامعاتنا السعودية. أُلقيت في الندوة ثلاث أوراق: الأولى بعنوان: التاريخ الوطني للمملكة العربية السعودية: المدلول اللغوي والسياق التاريخي للأستاذ الدكتور عبداللطيف بن محمد الحميد من قسم التاريخ بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض. وقد حملت الورقة الثانية والثالثة عنوان الندوة: التاريخ الوطني: الفكرة والرؤية والتطبيق. الورقة الثانية بقلم الأستاذ الدكتور تركي بن عجلان الحارثي من قسم التاريخ بجامعة الملك عبدالعزيز بجدة. والورقة الثالثة بقلم الدكتور سعد بن سعيد القرني من قسم التاريخ بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض. فكرة التاريخ الوطني تحتاج إلى التوسع في أمرين: الأول الإلمام المتمكن بمفاصل التاريخ السعودي منذ القرن الثاني عشر الهجري/ الثامن عشر الميلادي. والأمر الآخر كيفية انتخاب صفحات من آلاف الصفحات لتُشكل مقررًا للتاريخ الوطني ودوره في تشكيل الوعي المعرفي والعقلي ومن ثم تكوين مفهوم ذهني للوطنية السعودية. على أنني قلت في تلك الندوة إن فكرة التاريخ الوطني غير مختمرة في ثقافتنا العربية. ذلك أن التاريخ الوطني المزمع إقراره كمادة إجبارية في الجامعات السعودية لم ولن يكون نسخة من مقرر التاريخ الذي نقدمه لأولادنا وبناتنا في التعليم العام، ولن يكون نسخة من المقررات التاريخية التي نقدمها للمتخصصين في أقسام التاريخ. كما أنه أي التاريخ الوطني له علاقة بعلوم مصاحبة يجب أن تكون داخلة في تلافيفه عند تقديمه كمقرر جامعي. في مقرر التاريخ الوطني لا نريد أن نقول لشباب الجامعات حديثًا يرفع من نسبة الشوفونية التاريخية، وبالمقابل لا نريد أن يكون المقرر سردًا معرفيًا سبق أن ألم ببعضه في مراحل التعليم العام. لهذا أمامنا صعوبة ليست بالهينة. هذه المشكلة المعرفية تدور حول ما التاريخ الوطني الذي سنقدمه لشباب الجامعات من غير المختصين في التاريخ. هل هو تاريخ المملكة الحديث، أم التاريخ السعودي بأدواره الثلاثة. أم أنه تاريخ هذه الجزيرة العربية المباركة التي تشغل المملكة معظمها. ولكن من أين نبدأ؟ هل علينا أن نلم بتاريخ الجزيرة العربية القديم أم بتاريخها منذ بزوغ الإسلام. وتاريخ الجزيرة العربية الإسلامي مهم لتاريخ المملكة لتقاطع التاريخين أرضًا وشرعيةً. وتاريخ السيرة النبوية مهم لتاريخ المملكة لارتباطهما في صيرورة فكرية وشرعية. وبالتالي نحن أما سؤال صعب وهو: هل التاريخ الوطني مداره التاريخ السياسي للدولة السعودية؟ أم مداره الأرض التي قام عليها التكوين السياسي للمملكة العربية السعودية. هذا السؤال لا يمكن أن يخطر على بال المختصين في أغلب الدول الحديثة التي تُقرر على أبنائها وبناتها تاريخها الوطني، لكنه لابد أن يخطر ببالنا. ثم هذه الوحدة العربية التي صنعها الملك عبدالعزيز ورجاله هي وحدة غير مسبوقة في تاريخ العرب الحديث، لكنها في ظني امتداد لوحدة صنعها الخليفة الراشد الأول. فالوحدتان: الأولى في القرن السابع الميلادي والأخرى في القرن الثامن عشر الميلادي، وبينهما عشرة قرون ونيف. هذا الزمن الطويل لم يكن حائلًا عن إلحاح فكرة تراود الأجيال المتعاقبة في إعادة الوحدة السياسية، ولملمة أطراف الجزيرة وشعبها، وهو ما صنعه الملك عبدالعزيز ورجاله بعد كثير من الجهد والعرق والدم.