قبل ما يقرب من 32 سنة تم إنشاء مجلس التعاون الخليجي. وجاهد المجلس خلال العقود الثلاثة الماضية لتبني سياسات تحافظ على أمن واستقرار دول المجلس الست ومحاولة وضع نوع من التوازن مع الضفة الشرقية للخليج التي كانت عدائية وتوسعية وتحاول زعزعة استقراره. ولكي نعرف الخطط والاساليب السياسية التي استخدمها الخليجيون فيجب ان نبدأ بطريقة انشاء مجلس التعاون فقد أنشئ المجلس على قاعدة سياسية تدعى Chain-ganging وهو مصطلح في العلاقات الدولية يعرف بشكل مبسط بأنه اجتماع عدة دول على شكل تحالف دفاعي مشترك. في حالة تعرض أي من هذه الدول لاعتداء خارجي تقوم بقية الدول بالدخول بالنزاع ومساعدة الدولة المعتدى عليها. وهناك امثلة تاريخية عديدة منها الحلف الثلاثي بين ايطاليا والمانيا و(النمسا-المجر) كموازن وللتصدي للتحالف البريطاني - الفرنسي - الروسي. طبعا الخليجيون كانوا يسعون من سياسة Chain ganging التصدي للخطر والاطماع التوسعية الايرانية. في نفس الوقت استخدم الخليجيون اسلوبا آخر في السياسة يدعى Buck Passing وهو استراتيجية اخرى في السياسة الدولية هدفها منع هيمنة دولة غير مسالمة على المنطقة وتعرف هذه الاستراتيجية بانها بدل ان تتصادم الدولة بشكل مباشر مع الدولة الاخرى التي تسعى للهيمنة فإنها تقوم بنقل المسؤولية لدولة اخرى. حيث تقوم دولة اخرى بدخول النزاع مع الدولة المعتدية وهذا ما حدث مع العراق وحربه مع ايران. لكن الخليجيين كانوا امناء مع العراق وقاموا بمساعدته لسنين وحاولوا إنهاء الحرب ولكن التاريخ يعلمنا ان افضل طريقة لنجاح سياسة Buck passing هو ان تصاحبها سياسة اخرى وهي زيادة القوة الذاتية من خلال استراتيجيات Bait and bleed اوblood letting. وحتى لا ينقلب عليك احد الطرفين بعد انتهاء حربهما! وللأسف هذا ما حدث ايام صدام. حاولت الدول الخليجية اعتماد نفس السياسة تقريبا (نقل المسؤولية) لأمريكا بعد انقلاب صدام ضد الخليج وايضا ضد محاولة الهيمنة الايرانية. ولعبت امريكا الدور بنجاح حفاظا على استقرار مصادر الطاقة العالمية وايضا استفادة اقتصادية مباشرة من بيع التقنية للخليج سواء مدنية من خلال مشاريع للشركات الأمريكية او عسكرية. لكن بعد ثورة النفط والغاز الصخري قلت اهمية الخليج لأمريكا فلذلك هي تحاول التخلص من هذا الدور ومعروف عن الامريكان سياسة Through under the bus وقد عملوها في حلفائهم الفيتناميين وفي شاه ايران وفي الرئيس السابق مبارك. لا ننكر ايضا ان بعض الدول الخليجية حاولت سياسة المهادنة مع ايران في محاولة لاتقاء شرها ولكن لم تكن مفيدة وكما هو معروف في العلاقات الدولية وايضا مثبت تاريخيا انه كلما زادت سياسة المهادنة زادت طلبات الدولة الاخرى وانه لن يحصل توازن في العلاقات بين الطرفين. قد يتساءل القارئ بما اننا سردنا السياسات التي استخدمت سابقا من قبل الخليجيين فما هي افضل سياسة للوضع الحالي؟ افضل سياسة هي بالبدوي تترجم (اللي ما يأكل بيده يجوع) اما في علم السياسة فهي الواقعية الجديدة وهي افضل سياسة عملية للحفاظ على سلامة واستقرار أي بلد ما ووضعها استاذنا الراحل كينيث ولتز وهي تحفظ توازن القوى في العالم مهما كانت الدولة صغيرة من خلال زيادة القوة الذاتية ولنا في دولة العدو الصهيوني اكبر مثال على نجاح هذه السياسة.