×
محافظة المنطقة الشرقية

اجتماع تنسيقي لـ «وكالة الخريجين» بجامعة المؤسس

صورة الخبر

قبل عدة أيام، كَتَبتْ في تويتر رسالة قصيرة وجهتها لوزير الحرس الوطني صاحب السمو الملكي الأمير متعب بن عبدالله بن عبدالعزيز، بشأن قرار إدارة جامعة الملك سعود بن عبدالعزيز للعلوم الصحية تخفيض مكافأة طلبة الجامعة من حملة البكالوريوس (أو ما يعرف بطلبة المسار الثاني) من ثلاثة آلاف إلى ألف ريال شهرياً، وطلب الجامعة من الطلبة إعادة فرق المبالغ المالية التي صرفت لهم من بدء صرف مكافأة الثلاثة آلاف ريال. في تلك الرسالة التويترية طرحت هذا الموضوع المهم جداً على سموه آملاً في إيجاد علاج لهذا القرار الخاطئ لإدارة الجامعة، والذي سيتسبب لا محالة بإحجام الخريجين الجامعيين عن التقدم لكليات الطب بجامعة الملك سعود بن عبدالعزيز للعلوم الصحية، وفي ذلك فقد كبير جداً لطلبة ناضجين فكرياً، وقبل ذلك لديهم طموح كبير لدراسة الطب بدلالة أنهم تركوا وظائفهم وعادوا لقاعات المحاضرات والمختبرات لدراسة الطب. ولا يخفى على الكثيرين أنَّ كليات الطب بالولايات المتحدة الأمريكية لا تقبل إلا خريجين جامعيين لديهم على الأقل سنة من العلوم الحيوية. ولا أنسى زميلي كريج هاول في مرحلة الماجستير بقسم الاقتصاد بجامعة ولاية يوتا، حيث بعد أنْ حصلنا على درجة الماجستير في الاقتصاد إنتقلت إلى جامعة ولاية أوريجون لدراسة الدكتوراه في الموارد الاقتصادية، في حين ذهب زميلي كريج إلى كلية الطب بجامعة واشنطن في مدينة سياتل لدراسة الطب !؟ تساءل بعض الأصدقاء في تويتر عن علاقة وزارة الحرس الوطني بجامعة الملك سعود بن عبدالعزيز للعلوم الصحية. والإجابة تتمثل في العبارة التالية التي جاءت في موقع الجامعة: (تُمثِّل البرامج الأكاديمية في مدينة الملك عبدالعزيز الطبية، التابعة للشؤون الصحية بالحرس الوطني، النواة الأولى لجامعة الملك سعود بن عبدالعزيز للعلوم الصحية). أي أنَّ جامعة الملك سعود بن عبدالعزيز للعلوم الصحية تقع تحت مظلة وزارة الحرس الوطني، لذلك وَجَّهت خطابي لسمو وزير الحرس الوطني. صديقي البيروقراطي القانوني !؟ بعد عِدة أيام من كتابتي لهذه الرسالة التويترية، جرى حديث بيني وبين بيروقراطي قانوني عتيد، يستند على خبرة سنوات طويلة في بيروقراطية الأنظمة الحكومية وتفسير موادها؛ حيث قال لي: موضوع تخفيض مكافأة طلبة جامعة الملك سعود بن عبدالعزيز للعلوم الصحية في المسار الثاني من 3000 إلى 1000 ريال شهرياً ومطالبة الجامعة من الطلبة إعادة المبالغ التي استلموها بأكثر من 1000 ريال شهرياً، يمكن اختصاره في أربعة حقائق بيروقراطية: الأولى: من المؤكَّد أنَّ إدارة جامعة الملك سعود بن عبدالعزيز للعلوم الصحية إجتهدت عندما صَرَفَت مكافأة 3000 ريال شهرياً لطلبة المسار الثاني، ذلك أنَّه لا يوجد ما يؤيد هذا الصرف سواء في أمر ملكي أو نظام أو سند قانوني؛ وإلاَّ لم تُوقِف الجامعة الصرف بعد سنوات من تطبيقه. الثانية: من المؤكَّد أنَّ ديوان المراقبة العامة إكتشف هذه المخالفة النظامية في الصرف المالي، وكتب عنها في تقاريره، وبكل تأكيد أحاط وزارة المالية بهذه المخالفة. الثالثة: بناءً على ذلك، طلبت وزارة المالية من إدارة الجامعة وقف صرف 3000 ريال شهرياً لأي طالب، والإلتزام بالنص النظامي لصرف مكافئات الطلبة في الجامعات الحكومية الذي يُحدِّد مكافأة الطالب بألف ريال شهرياً. ومن المؤكد أنَّ وزارة المالية طالبت إدارة الجامعة بإعادة جميع مبالغ المكافئات التي صرفتها للطلبة بأكثر من ألف ريال شهرياً دون سند نظامي. الرابعة: إدارة الجامعة لم تملك الشجاعة بأنْ تقول لطلبة المسار الثاني أنها صرفت لهم 3000 ريال شهرياً دون سند نظامي، ويجب عليها إعادة الفروقات المالية التي صرفتها للطلبة دون سند نظامي لوزارة المالية، ولا طريق لذلك سوى إستعادتها من الطلبة أنفسهم !؟ يَبلَعْ البعير ويَغُص بالبيضة ؟ من المؤسف حقاً، أن ينتفض بيروقراطيي ديوان المراقبة العامة ووزارة المالية لصرف مالي مُبرَّر أكاديمياً ومهنياً، بل له فوائد اقتصادية واجتماعية لا حصر لها؛ في حين يغضون البصر والأُذن عن هدر مالي ضخم بغطاء كذب أكاديمي على أعلى المستويات في مئات الملايين من الريالات التي أُهدِرَتْ وتُهدَرْ في غالبية الجامعات الحكومية، بدءاً بكذبة سيارة غزال التي تقبع في بدروم كلية الهندسة، وطائرة تعليمية تقبع على تراب المدينة الجامعية بالدرعية تحت الشمس والغبار منذ أكثر من سنة، ومروراً بشركات تدريس السنة التحضيرية، وانتهاءً بالتعاقد مع مئات إن لم يكن آلاف الدكاترة الأجانب (برامج الاستقطاب)؛ لا لشيء سوى للقفز على سلالم التصنيفات العالمية للجامعات. كل هذا الهدر المالي الأكاديمي الضخم لم يُسفِر عنه سوى تدهور أخلاقيات البحث العلمي في كثير من جامعاتنا، كما أشار بذلك العميد السابق للدراسات العليا بجامعة الملك سعود الدكتور محمد بن عبدالرحمن آل الشيخ في مقاله بصحيفة الحياة في 3/1/2012م بعنوان (المساس بأخلاقيات البحث والنشر العلمي موطن الخلل )، إضافة إلى مقال مجلة ساينس الشهيرة بعنوان (جامعات سعودية تعرض كاش مقابل البرستيج الأكاديمي). كان المأمول والمفروض والمفترض أن تُبارِك وزارة المالية لإدارة جامعة الملك سعود بن عبدالعزيز للعلوم الصحية وتكافئها وتَشـُد على يدها لمبادرتها الأكاديمية الفريدة هذه بقبول الخريجين الجامعيين بكليات الطب، والذي هيأ لها ضرب عصفورين بحجر واحد: (1) الحصول على طلبة ناضجين فكرياً تجاوزو سن المراهقة، (2) الحصول على طلبة إختاروا دراسة الطب بدافع الحُب والرغبة والطموح بدلالة تضحيتهم المالية وتركهم وظائفهم لدخول كلية الطب؛ وليس لأنهم طلبة تخرجوا من الثانوية بمعدلات مرتفعة أو لأنَّ أصدقائهم ذهبوا لكلية الطب. ولكن كيف تَختَلِفْ وزارة المالية عن بقية الوزارات إنْ لم تتمسك برؤيتها التنموية الأفقية التي تنظر لكل شيء في الوطن الغالي نظرة أفقية، وذلك بدلالة مكافأتها لاجتهاد إداري أكاديمي رائع وفريد ليس في السعودية فحسب، بل في العالم العربي !؟ 18 مليون ولد مُدلَّلْ !؟ هُنا، قُلت لصاحبي البيروقراطي القانوني: ما الحل !؟ كيف يمكن إعفاء الطلبة الجامعيين بكلية الطب (المسار الثاني) بجامعة الملك سعود بن عبدالعزيز للعلوم الصحية من إعادة المبالغ التي استلموها من الجامعة !؟ والسؤال الأهم: كيف يُمكِن للجامعة الاستمرار بصرف 3000 ريال شهرياً للطلبة الجامعيين (المسار الثاني) وذلك لاستمرار إستقطابهم !؟ فقال: سؤالك الأول يمكن الإجابة عليه بإعادة توجيه خطابك في تويتر إلى وزير المالية، ولأنَّ أهل مكة أدرى بشعابها، فهو البيروقراطي الوحيد القادر على الخروج بفتوى بيروقراطية للتغاضي عن إعادة المبالغ المالية التي يجب إستعادتها من الطلبة. وبالتالي رفع الحَرَجْ عن إدارة الجامعة بسبب صرفها مكافأة شهرية تزيد عن 1000 ريال لأي طالب جامعي دون سند نظامي ؟ قلت له: ماذا عن السؤال الثاني، كيفية إعادة صرف مكافأة 3000 ريال شهرياً للطلبة الجامعيين بكلية الطب (طلبة المسار الثاني) !؟ قال: هذا موضوع يتضمن جانب مالي لا يُغطيه أمر ملكي سابق أو مادة نظامية سارية، لذلك يجب أنْ يَمُر بمشوار بيروقراطي طويل في لجان تضم جهات حكومية عديدة، والتي لا محالة سيكون لوزارة المالية اليد الطولى في قرارات هذه اللجان. وإذا خرج قرار من هذه اللجان يوصي بصرف مكافأة 3000 ريال شهرياً للطلبة الجامعيين بكلية الطب، فإنه لا بد من أخذ موافقة رئيس مجلس الوزراء على هذا القرار. فقلت له: لن أكتب لوزير المالية، خوفاً من إتهامي بأني الولد المُدَلَّل للوزير، وهذه تُهمَة لا أقوى عليها بعد الستين!! ولكني سأكتب إلى رَجُل يَنظُر للـ 18 مليون سعودي وسعودية بأنَّ كل واحدٍ منهم ولد مُدَلَّل عند مقامه الكريم، ذلكم هو خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، خاصة وأنَّ جامعة الملك سعود بن عبدالعزيز للعلوم الصحية كانت الطفلة الأكاديمية الأولى لأبي متعب، وبالتالي لن يبخل عليها، يحفظه الله، بل وسيكافئ القائمين على إدارة هذه الجامعة لمبادرتهم الأكاديمية الرائعة في التمييز الواجب والمستحق للطلبة الجامعيين في كليات الطب عن الطلبة خريجي الثانوية. الآن، كما يقول المحامين: إنتهت مُرافعتي I Rest My Case. رابط الخبر بصحيفة الوئام: أربع حقائق بيروقراطية !؟