منذ أن قرر الإنسان إنشاء مجتمع/ دولة وعلاقة المجتمعات فيما بينها علاقة مضطربة وقائمة على الريبة، ولا تحكمها المبادئ كثيرا بقدر ما تحكمها المصالح، لهذا تمزق الاتفاقيات حين يشعر مجتمع/دولة أن الآخر أصبح ضعيفا، وتوقع اتفاقيات مذلة حين تنتصر إحدهما على الأخرى. بيد أن علاقة أفراد المجتمع الواحد من المفترض أو يجب أن يحكمها المبدأ، لتتحقق أهداف وأحلام الجميع بالنمو والتطور وازدهار العدل، وحين لا يحدث هذا يصبح هذا المجتمع قابلا للتفكك في أي لحظة، والتفكك يعني حروبا أهلية لا تتوقف. من هذا المنظور حين تراقب «الإنترنت» ومواقع التواصل الاجتماعية التي جعلت المجتمع بأكمله يجلس باستراحة أو مجلس خاص، بعد أن كان المجلس قبل العالم الافتراضي «الإنترنت» لا يحتمل إلا عدة أصدقاء يتسامرون أو يبثون همومهم أو ينهشون لحوم الآخرين، أو نخبويين «أي مثقفين ومفكرين» مهمومين بالشأن العام. سترى أن غالبية المجتمع لا يختلفون كثيرا عن باقي المجتمعات في تعاطيهم مع الأحداث والفضائح، فردة فعلهم عاطفية وتحكمها المشاعر أو الإحباطات التي يعيشها الهامشيون، فمن يحبه سيدافع عنه ومن يكرهه سيشارك في فضحه وأكل لحمه، دون أن يتوقف كثيرا أمام مبدأ «الحقوق وخصوصية الفرد» وهذه طبيعة عامة المجتمعات، وهي ردة فعل ليست جادة وتختفي سريعا. سترى أيضا أو ستصدمك مواقف بعض أو غالبية النخب الثقافية حول الأحداث أو الفضائح، فما أن يخترق أحد المجرمين خصوصية صديق له أو مثقف يشاركه التوجه، إلا ويلقي محاضرة أخلاقية أو يوبخ مثقفي ومؤيدي التيار الآخر، ويحاول تربيتهم أخلاقيا، وحين يقوم مجرم آخر باختراق خصوصية أحد أفراد التيار المختلف معه حد الكراهية، يشارك في الفضيحة ويساندها ويدعمها لكثرة متابعيه، وينسى أو لا تقنعه محاضرته عن القيم والأخلاق. وهكذا يفعل بعض أو غالبية مثقفي التيار الآخر معه في تعاطيهم مع الأحداث أو الفضائح، فيكتشف لك مأزق العامة مع مثقفيهم الذين يظنون أنهم قدوتهم يريدون لهم الصلاح. بقي أن أقول: ثمة فارق بين لحظة ضعف تصيب الإنسان/ المثقف فيرتكب الخطأ، وبين أن تدافع عن خصوصيتك ومن تحب محتكما لمبدأ، فيما تتخلى عنه وترى اختراق خصوصية الآخر مباحا أو يجيزه مبدؤك، فهنا تحديدا يصبح الأمر ليس فضيحة ليبرالي أو داعية، بل فضيحة مبادئ.