×
محافظة المنطقة الشرقية

مكتب رعاية الشباب في الأحساء ينفذ أكبر مهرجان شبابي ثقافي لمدة عشرة أيام

صورة الخبر

كُنت في روما في إجازة مع أسرتي عندما أذاعت وسائل الإعلام نص كلمة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بخصوص الأوضاع في مصر. لم أجد كلمة مانعة جامعة إلاّ أن قلت لزوجتي: إن هذه كلمة حق وصدق قلما نجدها في قاموس السياسة المعاصرة. لقد كان الملك واضحاً وشجاعاً في وصف ما يجري في مصر، وكان واضحاً وشجاعاً في الوقوف مع الحكومة المصرية المؤقتة ومع جموع الشعب المصري الذي اختار طريقه. الملك عبدالله وهو يعلن وقوفه مع مصر إنما يتسق مع وصية نبينا محمد صلى الله عليه وسلم بالعناية الخيرية لمصر، ويتفق مع وصية الملك عبدالعزيز لأبنائه بالوقوف مع مصر في كل الأحوال. كان المصريون وكثير من العرب يخشون من فكرة: شرق أوسط إخواني، لأنهم يعرفون مآلات حكومات الإسلام السياسي، ويعرفون ما ستصبح عليه الدول عندما يقودها الدعاة الدينيون، وأرباب الفكر الديني الإسمي المتحزب النظري المجرد، لهذا كله أقدم الملك الشجاع على اتخاذ القرار المناسب في الوقت المناسب. ومما يحسن التذكير به أن الدول العربية والإسلامية قد قبلت السير في الطريق الذي اختاره الملك عبدالله بشأن مصر، إلاّ قلة قليلة منها لها حسابات خاصة لا تنسجم بالضرورة مع مصالح الشعب المصري ومع أهمية مصر ومكانتها في محيطها العربي والإسلامي والدولي. بيّن الملك عبدالله لهواة السياسة أن الأخلاق لا تنفصم كثيراً عن الحسابات الاستراتيجية كما يزعمون. ومن الأخلاق وضع الشيء في مكانه الصحيح حتى لو خالف النظرية. وليس من الأخلاق العليا تجنب الرغبة الشعبية من أجل نتائج صندوق انتخابي عززته الدعاية والشعارت البراقة لقد وضع الملك عبدالله المسألة المصرية المعاصرة في سياقها المعقول بعد أن ازدادت بشكل كبير التدخلات الأجنبية والاستقطاب الداخلي، التي مع حسن الظن بها لا تعرف إلاّ أمرين: الأول مصالحها الخاصة، وجهل وتردد من الخارج بالوضع الداخلي في مصر. الدول الخارجية تعيش في دائرة ضيقة وهي دائرة النظرية. أما الواقع المعاش في مصر وكما استلهمه الملك عبدالله فقد تعدى مستوى النظرية إلى نقطة تنذر بانجراف مصر إلى حرب أهلية أو إلى سيطرة مشروع أخونة مصر ومن ثم الإلتفات إلى غيرها في بلدان المنطقة. لقد بيّن الملك عبدالله لهواة السياسة أن الأخلاق لا تنفصم كثيراً عن الحسابات الاستراتيجية كما يزعمون. ومن الأخلاق وضع الشيء في مكانه الصحيح حتى لو خالف النظرية. وليس من الأخلاق العليا تجنب الرغبة الشعبية من أجل نتائج صندوق انتخابي عززته الدعاية والشعارت البراقة. قرار الملك عبدالله الوقوف مع مصر وشعبها ذكرني بقرار الملك فيصل عام 1973م بالوقوف مع مصر وشعبها إبان حرب أكتوبر المجيدة. لقد عرف الملك عبدالله ودائرة صنع السياسة السعودية أن مصر إن لم تتدارك وتساند مقدمة على تحول سلبي كبير ربما يجعلها مثل العراق أو سوريا أو أفغانستان. لقد عرف أن كثرة المتحدثين والزائرين الغربيين إنما يحملون أجندات متباينة تنم عن مصالح شخصية ضيقة تهمهم . إنها حالة ينطبق عليها وصف الزعيم البريطاني ونستون تشرشل الذي قال: علاقات متوحشة تمليها مصالح وحشية. نعم كيف نصف العلاقات الدبلوماسية والسياسية التي تربط بين مصر ودول الاتحاد الأوروبي وأمريكا خلال تلك الأزمة الداخلية. لا أقل من أن نتبنى مقولة تشرشل. لهذا جاء قرار الملك ردا شجاعا على تدخل الأجانب في مصر. والملك حفظه الله قال: ومن يتدخل في شؤون مصر يوقد الفتنة ويشجع الإرهاب. وفي نظره أن مصر لو تركت مقبلة على فتنة عمياء. فهل من الأخلاق العربية والإسلامية قبل السياسة الضيقة والمصالح المتوحشة ترك مصر لمصير فتنة عمياء؟. وإن شاء الله بعد أن تهدأ الأمور، وتُقبر الفتنة وهي في طريقها، تبدأ مهمة التزام الجيش بخارطة المستقبل التي أطاح على أساسها -المتمثلة برغبة الشعب - بالرئيس السابق مرسي. فالجيش بوعيه سيجنب مصر الفتن والصراعات وسيعمل على انتقال ديمقراطي سلس وكامل وإيجاد بنية ديمقراطية قوية. وعلى الحكومة الانتقالية بدورها أن تقدم أنموذجا جميلا يليق بمصر الدولة المدنية العريقة . ومن لوازم الأنموذج مصالحة وطنية واسعة وحوار جاد يشمل كل الأطياف. وهي من لوازم الديمقراطية. ومن الأنموذج السعي بجد وإخلاص لإنجاز دستور وطني يلبي حاجة المواطنين، ويبيّن على وجه الدقة والوضوح أسلوب العمل الانتخابي وآلياته، بعيداً عن الدروشة الدينية وشراء الأصوات والذمم بحفنة من سكر وزيت. وكذلك استنساخ نظام الاحتجاجات السلمية المعمول به في الغرب، واستبعاد تطبيقات بدائية مثل الاعتصامات لأشهر، وتعطيل الحياة العامة وتهديدها باسم الديمقراطية، والديمقراطية منها براء.