في كتابه "الديموقراطيات الحديثة " يُعرّف الكاتب جيمس برايس الرأي العام بأنه اصطلاح يُستخدم للتعبير عن مجموعة من الآراء التي يُدين بها الناس إزّاء المسائل التي تُؤثر في مصالحهم العامة والخاصّة. بناءً على هذا التعريف دعونا نعرج على حال الرأي العام وكيفية تكوينه اليوم. لا بد لي من لمحة عابرة على الماضي القريب فأقول بأن وسائل الإعلام وخصوصاً الصحافة قد ساهمتْ في نشر وإبراز الآراء العامّة التي يراها الناس إزاء قضاياهم المجتمعية وإعادتها لمسارها الصحيح في حالة محاولة البعض الاصطياد بالمياه العكرة وتوجيهها حتى تناسب أجنداتهم وأهدافهم المشبوهة. حين شاع استخدام الانترنت في بلادنا وأصبحت وعاء أساس في خلق وتكوين الرأي العام وجدها مرضى القلوب والضمائر والمدسوسين علينا فرصة لبث أكاذيبهم وتشويه أي أمر يودون تشويهه بل وصل الأمر إلى المساس بسمعة وأمانة الأشخاص وخصوصاً المسئولين الشرفاء الوطنيين بحق والطعن في القرارات الرسمية والتشكيك في أهدافها. صدّق السطحيون وبعض السذّج تلك الأكاذيب ظنّا منهم أنها حقائق واقعه لا دسائس أُريد بها إثارة البلبلة لخلق الفتنة والاحتراب الفكري من أجل زعزعة الأمن وإعاقة مسيرة التنمية والبناء التي شهدتها وتشهدها بلادنا. ثم حلّت أوعية أشدّ أثراً وأسرع تأثيراً مثل البلاك بيري وبعده الواتسآب ثم ما يسمى بالإعلام الجديد ووسائل التواصل الاجتماعي أشهرها موقع " تويتر" عندها قل أثر الوسائل التقليدية في صناعة الرأي العام وتهذيب بنيته وتقوية عوده ليكون الصوت الصادق للمجتمع وما يدور فيه. أصبح الشق أكبر من قدرة الراقع، والراقع هنا هو " المتحدث الرسمي" فمهما أكّد هذا المتحدث ومهما أبرز من أدلة قاطعة صادقة إلاّ أن شريحة كبيرة من الدهماء والعامّة تنساق وراء ما يُبث في تلك الوسائل وتصدق خُزعبلاتها بحكم أنها رأي عام كوّنه الأكثرية زعماً. حين قال أحد المفكرين في زمن قوة وتأثير الصحافة المطبوعة أن دورها يكمن في تكوين الرأي العام لا إثارة السخط العام فما عساه أن يقول اليوم والرأي العام أصبح مُزيفاً ومضروباً بالدسائس والشائعات الكاذبة يبثها على مدار الساعة خفافيش من الأعداء تعمل في الخفاء أجنداتها تحوي كل الشر لبلادنا وأهلها؟؟ يقول " هارولد لاسكي " في كتابة (محنة الديموقراطية) إن القدرة على توجيه الأخبار وجهة مُعينة هي نفسها القدرة على حرمان المتلقين من أن تصل إليهم المادة التي يستطيعون بها أن يكوّنوا لأنفسهم رأياً في كل مُشكلة، لهذا أتمنى من كل مسئول ومتحدث رسمي أن يُسارع بقول الحقائق وكشفها للملأ وبصوت مرتفع يشرح تفاصيل التفاصيل لعل الألسن الكاذبة أن تخرس.