تلاقي الأفلام الإباحية في الولايات المتحدة رواجاً كبيراً، إلى درجة أنها أصبحت تشكل أزمة صحة عامة ينبغي مكافحــتها، تـــماماً مثل التدخين، كما يرى خبراء. وتقول غايل دينز، أستاذة علم الاجتماع والكاتبة المتخصصة في هذا الموضوع، إن «الأفلام الإباحية هي الشكل الأكثر انتشاراً للتثقيف الجنسي اليوم، إذ تظهر الدراسات أن متوسط أعمار من يشاهدون هذه الأفلام للمرة الأولى يراوح بين 11 و14 سنة». وتضيف دينز، التي ترأس أيضاً جمعية «أوقفوا ثقافة الأفلام الإباحية»، أن هذه الأفلام تقدم صورة «ساقطة وتنطوي على تمييز ضد النساء»، كما «تحرم الصغار من حقهم في الحصول على تربية جنسية سليمة». وتحذر من أن هذا القطاع يستقطب أعداداً كبيرة من المتابعين. فالمواقع الإباحية تستقطب عدداً من الزوار شهرياً يفوق عدد زوار مواقع «تويتر» و»نتفليكس» و»أمازون» مجتمعة. وكذلك فإن ثلث عمليات التحميل على الإنترنت تتعلق بمواد إباحية مصدرها أربعة ملايين و200 ألف موقع إلكتروني متخصص. ويأتي كلام دينز في ظل انعقاد مؤتمر «التحالف لإنهاء الاستغلال الجنسي» في واشنطن. ويأمل المجتمعون في إعلام الرأي العام والسلطات بأن الأفلام الإباحية هي مشكلة اجتماعية معقدة في الولايات المتحدة ينبغي التعامل معها على أنها مشكلة تصيب الصحة العامة. ويشارك في هذا المؤتمر أطباء وعاملون اجتماعيون وباحثون ورجال دين وناشطون ضد استغلال البشر وعـــامــلون ســابقـــون فـــي قطــاع الأفــلام الإبــاحية الــذي يدر بلايين الدولارات. وتقول داون هوكينز، مديرة جمعية «موراليتي ان ميديا» (الأخلاق في الإعلام) التي تناضل ضد الأفلام الإباحية منذ عام 1962، إن هذه الأفلام «تؤدي إلى ضرر لا يتحدث عنه أحد، علماً أنه يصيب كل عائلة أميركية». ومن الحاضرين في المؤتمر دوني بولينغ الذي اعتزل إنتاج الأفلام الإباحية في عام 2006. وهو يتحدث تحديداً عن الآثار السيئة على الفتيات اللواتي يظهرن في الأفلام الإباحية، ويقول: «أدخلت إلى هذا القطاع في حياتي 500 فتاة لم تكن أي منهن ممتنة لي لاحقاً». ويشكك بولينغ في كون أي شابة منهن سعيدة في حياتها، مشيراً خصوصاً إلى طالبة في جامعة ديوك المرموقة قررت الدخول إلى عالم الأفلام الإباحية أخيراً لتمويل دراستها التي تكلف سنوياً 60 ألف دولار. وتؤكد ماري ان لايدن، طبيبة النفس المتخصصة في العنف الجنسي في جامعة بنسلفانيا، أن كل حالات العنف الجنسي والاغتصاب التي عالجتها في حياتها كانت الأفلام الإباحية من أسباب وقوعها. وترى دينز أن على «الشباب أن يدركوا أن الأفلام الإباحية يمكنها أن تتحكم فيهم». وتأمل ليدن أن تولي السلطات الصحية الأميركية هذه المسألة اهتماماً أكبر وتتعامل معها على أنها قضية صحة عامة. وتقول: «يمكننا أن نحقق نجاحاً في هذا الإطار على غرار النجاح المحقق مثلاً في مكافحة التدخين». الولايات المتحدة الأميركية